خطوات استثنائية أعلنت عنها الحكومة لمواجهة الإجراءات الاقتصادية القسرية التي تحاول بعض الدول فرضها على سورية تأتي في وقت أحوج ما نكون فيه لحلول بديلة تنهض بالوضع المعيشي للمواطن الذي يعاني الأمرَّين نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار وضعف القوة الشرائية.
وقد يكون العنوان الأبرز لها الاعتماد على الذات والذي يعيدنا بالذاكرة إلى فترة الثمانينات عندما استطاعت الحكومة السورية مواجهة الحصار وحدها وعبر مؤسساتها الحكومية والموارد الذاتية المتواجدة والتي بدأت بإعطاء أرقام جيدة لجهة حجم الإنتاج.
وهذا يدعونا للاهتمام بشكل أساسي بالزراعة التي عانت خلال سنوات الحرب والتي ستمكننا من إنعاش عدد كبير من المصانع التي أغلقت اعتماداً على مفهوم الصناعة الزراعية وجعله قطاعاً تنافسياً يعتمد على الميزة النسبية وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
الاعتماد على الذات يحتاج من الحكومة حتمية اتخاذ قرارات جريئة وغير تقليدية تصب باتجاه تأمين مستلزمات واحتياجات المواطن كأولوية حتى لو اقتضى ذلك إعادة توجيه مسارات الانفاق في بنود الموازنة العامة بحيث يكون التركيز على المشاريع الإنتاجية والصغيرة مع الاستمرار بخطة إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي.
ولا يبتعد كثيراً موضوع ترشيد الاستيراد لمرحلة معينة حفاظاً على القطع الأجنبي والتوجه نحو دعم قطاع التصدير بشكل كبير لتحفيز الإنتاج التنافسي وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمواد والسلع الأساسية التي يحتاجها المواطن وإيصالها إلى أسواقنا المحلية بعيداً عن الحلقات الاحتكارية التي تتسبب إلى جانب العقوبات المفروضة علينا بالأزمات والاختناقات التي تحصل أو قد تحصل خلال الفترة القادمة.
باختصار فإن إنعاش سياسة الاكتفاء الذاتي لا تحتاج فقط لزيادة معدلات الإنتاج وتوسيع دائرة السلع والمواد المنتجة محلياً وإنما تكون بالنجاح في إيصال هذا المنتج لأوسع شريحة من المستهلكين بأسعار تتناسب ومستوى الدخول الحالية فما فائدة زيادة الإنتاج في الوقت الذي لا يستطيع فيه المواطن الحصول على سلعته؟!
لذلك الحكومة أمام تحدٍ حقيقي للمرحلة القادمة ولإعادة الثقة بدورها وقدرتها على تأمين متطلبات المواطن السوري الذي صبر وعانى من آثار حرب ظالمة وينتظر الكثير لتحسين مستوى معيشته في الحدود الدنيا على الأقل كمرحلة أولى وخلق الحلول والبدائل في الأزمات.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 30-1-2019
رقم العدد : 16897