لدينا ما يكفي.. نحن اللاهثون أبدا خلف نبض مغاير, حتى عندما نسبح موغلين في عمقه, ما ان نقطع بعض الأمتار, ننظر الى الوراء سرعان ما نسابق تلك الأمواج عائدين..!
نخاف أن ننسى..!
جذور من الذاكرة تذكرنا بها تلك الرغوة البيضاء التي تطفو من أمواج تعلقت بزبد زائل, سرعان ما يتبخر مخلفا خلفه أروع الالوان, وأعمق المناظر.. حتى انك تفتقد تلك الموجة الخطرة وأنت وسط هدوء فجائي ممل..!
إن فكرت بالغطس في العمق, ولو للحظات بدون تلك الادوات التي تجعل منك غطاسا يبحث عن اللامألوف, قد تتمكن ولكن فقدانك لأدواتك لن يمحى دفق دموعك, أو يلغي حرقة أعماقك.. ووجع روحك..
حين تخرج من عمق تلك المياة ولو للحظات, تتساءل كيف بإمكانك أن تستمر, محملاً ببرميل نفطي.. أو ربما من القطران الاسود.. يجعللك تنفر من ملامحك, كلما حاولت الاقلاع عنه, كلما غرقت أكثر..!
قد تفكر بوضع قناع.. أو حتى صناعته, او قد تبتكر ملامح احرى.. وشخصية لاتشبهك.
ولكن حين ترى وجوهنا الضوء.. حين نمسك بجدائل الشمس, ونعانق أمواج البحر.. حين نتناثر كنبتة شهية فوق عشب الصباح الندي.. حين نكتشف طراوة الحب, ومزاجية الحياة وتقلباتها الاثيرة, تصبح أروحنا رقراقة, كجدول مياهه صافية.. يسير في المنحدرات, والوديان ساحبا معه كل مايمكن أن يقال, الى غير رجعة.. كزبد موجة لم يستغرق سوى ثانية..!
حين ندع كل شيء يمضي.. سنتخلص من عبء رزحنا تحته زمن.. قد يكون قصيرا.. ولكن بعد الخلاص.. نندم على كل ثانية أمضيناها.. في جوفه.. صحيح ان حياتنا ركنت الى قصة جديدة, ولكن الثمن..باهظ..!
وقعنا في شباك تلك الحكاية الموجعة زمناً.. لزمت خلاله أرواحنا في كهف مظلم.. اعتقدناه أبدياً..
إلى أن أيقنا.. أنه على حافة الوجع, تكمن النجاة, ومن عمق ألمك,,تستصرخ روحك سعادة لا تمحى.. وفي لحظة الغياب يسكن حضور أثير.. وتحت وطأة اللايقين.. يسكن عمقك الابدي.. إن تمكنت من التقاطه كصياد انتظر دهرا حتى يقبض على لحظة صدقه الروحي.
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 4-2-2019
رقم العدد : 16901