«كان يغرق في سلسلة من الابتذال المريع»..
يمكن لعبارات صغيرة ينطقها أحدهم أن توقظ ملكات الإبداع/الحياة، كما حدث تماماً مع بطل فيلم «القضية خاصتك، A case of you»..
كيف يمكن التقاط ما هو أصيل وحقيقي، فيما نفعل.. أن ننحت وجودناً عميقاً في الأشياء من حولنا..؟
لعل الأشياء هي التي تفعل فعلها وتبلور حضورنا..!
ما هي وصفة الحياة التي تنجب نوعاً من السرور والطمأنينة..؟
هل يجب أن نحياها من الخارج أم أن نغرق في تفاصيلها ونغدق لحظاتنا في تفسير ماهيتها..؟!
على رأي فرناندوا بيسوا «..أن تأخذ الحياة كما تأتيك، وتعيشها من الخارج كقطة أو كلب. هكذا يعيش الناس عموماً، وهكذا ينبغي أن تُعاش الحياة، لو تحلّينا بقناعة القطة أو الكلب.»..
وعلى ما يبدو إنها تعويذة تمنح شجاعة عدم التفكير بمجريات ما نحيا.
غالباً.. ما تكون خطيئة إقصاء التفاصيل الصغيرة والاستهزاء بها سبباً يُبخّر سعادة اللحظة المعاشة..
ولعل القدرة على إعادة برمجة أهمية تلك التفاصيل في عمق عيشنا، ملكة لا يتقنها كثيرٌ منّا..
فنشيّئ الأمور ونستمر في إكساء مقت التفكير الزائد على جوهر العيش.. وكما لو أننا نطبّق مقولة أحد أبطال رواية «الحريق» للروسي فالنتاين راسبوتين حين قال «الحياة الجيدة في كل مكان، حيث لا نكون»..
ما هي الخارطة التي تهندس لحياة جيدة حيث نكون.. وما سرّها..؟
لعل تفاقم الابتذال المحيط يجعلنا، أحياناً، نتخذ موقفاً مشابهاً لما ذكره الكاتب الأمريكي روبرت أدامز في «صمت القلب»، قائلاً: (يحدثُ أن تشاهد التلفاز فترى كلّ الأشياء الخسيسة التي تُعرض. ثُمّ تتوقّف لتقول: «إنّه مُجرّد فيلم! ذلك ليس حقيقيًا». كذا هي الحياة، راقب كلّ ما يحدث خلالها وشاهد وانظر.. لا تتفاعلْ ولاتقف مع أو ضد.
أنت تفهم، وذلك ما يجعلك حرّاً.)..
هل يحشرنا ذلك إلى مزيدٍ من موجات الأنانية.. أم إنه يعلّمنا اختراع مسافة الأمان خاصتنا عن كل ما يحيط بنا ويحصل من حولنا.. كأنما، بعين خارجية، نتأمل حياتنا..؟!
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 14-2-2019
رقم العدد : 16909