كان الطفل ماجد – ١١سنة – ممدداً على أحد أسرة مشفى حلب الجامعي وقد فقد ساقه اليسرى في انفجار شاحنة بمفخخات كان زرعها إرهابيون متوحشون دنسوا أرض سورية في بادية خناصر، سأله الطبيب أتبكي من الألم…؟ أجاب والدموع تنهمر من عينيه – كنت أحلم أن أصبح بطل سورية قي كرة القدم.
وفِي غرفة ثانية من غرف مشفى حلب الجامعي كانت الطفلة زهراء ممددة دون ساق يمنى فقدتها بانفجار مفخخة تركها الوحوش وراءهم في سهول قرية العدنانية في ريف حلب الجنوبي – لم تكن تبحث عن الكمأة كانت تسرح مع غنماتها -…! نعم جلهم من الأطفال والنساء، والمشهد على الطريق من دمشق إلى حلب، في النهار، مذهل ومبهر في آن معاً.
ولكن لم يخطر ببالنا أن نرى بعضاً ممن مررنا بهم وهم فرحون بخيرات الأرض، على أسرة المشافي. إنها سنة نادرة لم يأتِ مثلها على صعيد نبات الكمأة منذ ٢١ سنة، والكمأة مغرية سعراً ومذاقاً وقيمة غذائية، وهي سنة نادرة لجهة المرعى الأخضر في البادية السورية، التي تشكل ٥٨% من مساحة سورية وكانت طيلة سنوات الحرب رمزاً لقساوة القدر عليها إذ استغل الدواعش اتساعها وعاثوا فيها فساداً ودماراً، قضوا على كل مشاريع تطويرها من نباتات رعوية ومحميات وردموا الكثير من آبارها. ومع نجاح جيشنا السوري الباسل في طردهم منها وانتزاعها من براثنهم، عّم الخير البادية السورية فإذا بهـا الآن بساط أخضر تطرزه قطعان الماشية بألوانها المتنوعة.
وعلى طريق العودة من حلب -قبل أيام عن طريق خناصر- سرَّنا أن نرى شاحنات ضخمة تحمل حصادات قمح حديثة، متوجهة إلى حلب وريفها وربما المنطقة الشرقية من سورية الحبيبة، فهذه السنة ليست خيرة وحسب بل نادرة.
وأرى أن على الجهات السورية المختصة -الإدارية- تحديداً وبالتعاون مع ذوي الاختصاص في هذا المجال والمخاتير، تحذير الناس ما أمكن من المناطق الخطرة التي لم تنظف بعد في العمق.حتى الآن لا تزال تنفجر ألغام من مخلفات حرب تشرين التحريرية في العام ١٩٧٣ زرعها الصهاينة، في سهول القنيطرة، والقرى التسع المحررة.
وجرت العادة أن تُسوَّر الحقول الخطرة، وأن توضع لافتات تحذيرية في الأماكن المشكوك بها، ويبقى الحذر الشخصي هو الأهم، كونوا حذرين أربحوا بذكاء دون أن تخسروا أنفسكم.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 14-3-2019
رقم العدد : 16931