في يوم الإثنين الماضي، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن تصنيف الولايات المتحدة الأميركية للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية خارجية، ويعد هذا الإجراء الأول من نوعه الذي يقوم على اعتبار أن جيشاً في حكومة أجنبية كيان إرهابي. وإزاء ذلك، ليس لدينا أي شكوك أن هذا التحرك- غير المسبوق- سيكون له منعكسات وتداعيات لا يقتصر أمرها على إيران فحسب بل تطول منطقة الشرق الأوسط برمتها، وبالمقابل، أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني إدراج القيادة المركزية الأميركية على لوائح الإرهاب، والتعامل مع القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط بأسلوب يماثل التعاطي مع أعضاء تنظيم داعش الإرهابي.
وفي هذا السياق، صرح قائد الحرس الثوري محمد علي الجعفري أنه في حال عمدت الولايات المتحدة لاتخاذ أي تصرف (أحمق) يهدد الأمن القومي الإيراني، فإن قواته لن تقف مكتوفة الأيدي وستعمد إلى إعداد خطة لتنفيذ عمليات انتقامية تقض مضجع القوات الأميركية المعسكرة غرب أسيا.
ذلك ما ينبئ عن تصعيد يأخذ مساره في الشرق الأوسط إذ بدأ بالتصريحات، الأمر الذي قد يتبعه سياسات وإجراءات لا يمكن السيطرة عليها في منطقة ملتهبة أصلاً، ولاسيما في ضوء كون كل من الحرس الثوري الإيراني والقوات الأميركية يعسكران في مناطق قريبة من بعضهما البعض كما هو الحال في العراق وسورية.
وإزاء ذلك، شهدنا معارضة لهذا القرار صدرت عن قادة في القوات العسكرية الأميركية، وفي هذا السياق، ورد في صحيفة وول ستريت الأميركية بأن ثمة هواجس انتابت مسؤولين رفيعي المستوى في البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية تحسباً من(أن يتيح هذا الإجراء للمسؤولين الإيرانيين الأكثر تشدداً تسويغ عمليات عسكرية مميتة تستهدف القوات الأميركية فيما وراء البحار، ولاسيما وحدات العمليات الخاصة والوحدات شبه العسكرية التي تتبع لوكالة الاستخبارات المركزية)
لكن في خضم تلك السجالات، خرج علينا شخص ليعرب عن غبطته وسعادته جراء هذا الواقع ألا وهو بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف، الذي ما انفك يسعى للحيلولة دون قيام أي عملية دبلوماسية يمكن التوجه إليها بين الولايات المتحدة وإيران، إذ نجده يبذل مساعيه الحثيثة لدفع الطرفين إلى نزاع عسكري، وفي واقع الأمر، فقد عمد إلى توجيه الشكر لدونالد ترامب عبر صفحته على موقع تويتر حيث كتب: (أشكر الرئيس دونالد ترامب لاتخاذه هذا القرار الذي يصنف الحرس الثوري الإيراني بالمنظمة الإرهابية، مرة أخرى أقول لكم يا سيادة الرئيس بأنكم تحافظون على أمن العالم من الإرهاب والعدوان الإيراني)، حسب زعمه.
بيد أن سياسة ترامب القائمة على ممارسة الضغوط الكبرى ستفضي من حيث النتيجة إلى إضعاف المعتدلين في إيران وتعزيز موقف المتشددين مثل الحرس الثوري الإيراني، وإن هذا التهديد الخارجي سيدفع بالنخبة السياسية الإيرانية، ومنها المتشددون، للوقوف خلف الحرس الثوري الإيراني وتأييده بأسلوب وطريقة لم يسبق لها مثيل.
وقد أدان السياسي الإصلاحي البارز والمتحدث السابق باسم حكومة الرئيس محمد خاتمي، عبد الله رمضان زاده هذا التصنيف للحرس الثوري الإيراني في مكالمة هاتفية أجريت معه حيث قال:(لا نريد حرباً، بل ما نريده إصلاحاً تدريجياً في إيران، ولنا وطيد الأمل بالتمكن من إقناع المتشددين الإيرانيين في إتاحة الفرصة للحريات المدنية والمشاركة في العملية السياسية وصناعة القرار الأمر الذي لا يعتبر سهلاً، ولاسيما في ضوء ما أقدم عليه ترامب من إجراءات لن تفضي إلا إلى الحد من تلك الإصلاحات).
كما أن نائب رئيس حزب الشعب الموحد الذي يعتبر المنظمة الإصلاحية الأكبر، والناقدة للمتشددين، أزار منصوري أعربت عبر صفحتها على موقع توتير عن تأييدها ودعمها للحرس الثوري الإيراني، وقالت:(ينصب اهتمامنا على المصالح القومية للبلاد، ولا يحق لأي حكومة خارجية إطلاق تهديداتها ضدنا، إذ أن ما تتخذه الولايات المتحدة من إجراءات سيعرقل توجه إيران نحو الديمقراطية، وأنها بتصرفها هذا تساعد المتشددين في ممارسة الضغوط على إدارة روحاني لانتهاك الاتفاقات الدولية على غرار الاتفاق النووي ويحول دون الانضمام إلى اتفاقية فريق العمل المالي واتفاقيات ذات الصلة).
لقد انعكست العقوبات الاقتصادية سلباً على المواطن الإيراني أكثر من أي كيان عسكري أو حكومي، وما يثير الأسف أنه في الأسابيع الأخيرة أفضت الفيضانات التي عمت أرجاء إيران إلى تخريب مئات القرى والبلدات ومصرع 70 شخصاً، ودمرت ألاف المنازل والمزارع والمدارس والشوارع والجسور التي يتطلب إعادة إعمارها ملايين الدولارات، وجرى كل ذلك في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد نتيجة العقوبات الأميركية، لكن ما يثير الدهشة والاستغراب إعراب المسؤولين الأميركيين في إدارة ترامب عن دعمهم للشعب الإيراني في وقت تشير به سلوكياتهم وتصرفاتهم خلاف ذلك.
بقلم: نكار مرتضى- The Independent
ترجمة: ليندا سكوتي
التاريخ: الجمعة 12-4-2019
الرقم: 16955