يبدو المشهد في ظل المتغيرات المتسارعة التي تعصف به مرشحاً للتصعيد أكثر مع احتمالات الدفع نحو الهاوية في أي لحظة خصوصاً بعد المواقف والقرارات الكارثية والحمقاء التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية، بدءا من قرار الاعتراف بسيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي على الجولان العربي السوري المحتل، ومرورا بتهربها من تنفيذ قرار الانسحاب الكامل من الجغرافيا السورية ودعمها للميليشيات الإرهابية المتواجدة تحت رعايتها وحمايتها، ومن ثم قرار وضعها الحرس الثوري الإيراني على قائمة التنظيمات الإرهابية، وليس انتهاء بإعادة تداولها مجددا لصفقة القرن تمهيدا لإعلانها في القريب العاجل، ناهيك عن التطورات المتدحرجة التي تضرب دول المنطقة والعالم سواء في السودان أو في الجزائر أم في فنزويلا، تلك التطورات التي كان فيها للحضور الأميركي المخرب والمدمر النصيب الأكبر.
كل هذه المتغيرات والتطورات كفيلة وحدها إذا ما أضيف إليها طموحات وأوهام أطراف الإرهاب بجعل المرحلة القادمة هي مرحلة صدام، رغم الظروف والتداعيات الكارثية التي نتجت عن تلك الأوهام والطموحات الاحتلالية والتدميرية، ففي ظل وجود إدارة أميركية يرأسها شخص موتور يتعامل مع القضايا والملفات السياسية الهامة والمعقدة بمنطق التاجر الذي لا يجيد سوى الابتزاز وعقد الصفقات المريبة يمكن توقع الكثير من المشكلات والعقد المستعصية، لاسيما أن ترامب يتزعم تيارا يمينيا متطرفا في واشنطن، ويمتلك جرأة على الحقوق والقانون الدولي ووقاحة غير معهودة في التعاطي مع القضايا التي تمس الأمن والسلم الدوليين.
إن أي قراءة هادئة وموضوعية من خارج المشهد تؤكد ذلك الارتباط الوثيق في السياسات والاستراتيجيات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وهذا ما يدعو ليس للقلق فحسب بل يدعو إلى اليقظة والاستعداد وأخذ كافة تدابير الحيطة والحذر الشديد من الأيام المقبلة خصوصا بعد فوز الإرهابي نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية وما يقابله من هزيمة المجرم أردوغان في الانتخابات البلدية وما لذلك من تأثير على دفع كلا الطرفين – النظام التركي وكيان الاحتلال – إلى مزيد من الجنون والهستيريا، والاستشراس أكثر على الأرض لقلب الطاولة وتغيير الوقائع والحقائق ومحاولة العبث بالعناوين والمعادلات المرتسمة والمترسخة عميقا في صلب المشهد.
الدولة السورية معها حلفاؤها، بالرغم من التغيرات التي طرأت على المشهد الإقليمي خلال الأيام والأسابيع الماضية لا تزال في أعلى جاهزية واستعداد لمواجهة كل التطورات المتوقعة التي يمكن أن تستجد في الأفق، حيث ما يزال القرار على الأرض واضحا وحاسما جدا لجهة محاربة ومواجهة المجموعات والتنظيمات الإرهابية حتى تطهير كامل الجغرافيا السورية، وفي هذا السياق يواصل الجيش العربي السوري تصديه لاعتداءات الإرهابيين في ريف حماه الشمالي وادلب، حيث قضت وحدة منه على مجموعة إرهابية تابعة لتنظيم (جبهة النصرة) الإرهابي عند أطراف قرية الجنابرة بريف حماة الشمالي وذلك رداً على خرق التنظيم المتكرر لاتفاق منطقة خفض التصعيد، كما نفذت وحدات من الجيش العربي السوري رمايات مدفعية طالت محور تحرك مجموعة إرهابية أخرى من تنظيم جبهة النصرة عند أطراف قرية الجنابرة بريف حماة الشمالي باتجاه المناطق الآمنة والنقاط العسكرية للاعتداء عليها، وقد أدت الرمايات إلى القضاء على أفراد المجموعة الإرهابية وتدمير ما بحوزتهم من أسلحة وذخائر، كما قضت وحدات من الجيش العربي السوري على عدد من الإرهابيين بريف إدلب في محيط خان شيخون والتح والخوين وتلمنس ومعرشمارين وبسنقول وفي قمة النبي أيوب ومحيطها بجبل الزاوية، وقبلها بساعات قليلة أحبطت وحدة من الجيش العربي السوري هجوما إرهابيا نفذه عدد من الإرهابيين الانتحاريين على إحدى النقاط العسكرية على اتجاه طيبة الإمام بريف حماة الشمالي وذلك في خرق جديد لاتفاق منطقة خفض التصعيد، حيث أقدمت مجموعة إرهابية ترتدي أحزمة ناسفة ومتنكرة باللباس الشعبي لفلاحي المنطقة بالاعتداء على إحدى النقاط العسكرية على اتجاه طيبة الإمام بريف حماة الشمالي،وفور اكتشافهم تم التعامل معهم بالنار وإفشال الهجوم رغم إقدام بعض الانتحاريين على تفجير أنفسهم بالتزامن مع رمايات كثيفة بقذائف الهاون والرشاشات المتوسطة والثقيلة ما أدى إلى مقتل كامل أفراد المجموعة الإرهابية وتدمير الدبابة التي قدمت لهم الدعم بعد انكشاف أمرهم، وفي وقت لاحق نفذت وحدات من الجيش رمايات نارية دقيقة ضد تحركات التنظيمات الإرهابية في أطراف بلدات البويضة ولحايا ومعركبة واللطامنة وشرق مورك بالريف الشمالي ودمرت أوكاراً وآليات تابعة لها .
وتنتشر في ريفي حماة وإدلب المتجاورين مجموعات إرهابية تتبع في معظمها إلى تنظيم جبهة النصرة أبرزها ما يسمى «جيش العزة» و»الحزب التركستاني» وتضم في صفوفها أعدادا كبيرة من المرتزقة الأجانب وتعتدي بشكل متكرر على المناطق الآمنة والمواقع العسكرية بريف حماة الشمالي ضمن أجندات أميركية وتركية لمشاغلة الدولة السورية في هذه المنطقة عن أطماع،ومشاريعهما الجانبين في الشمال .
فؤاد الوادي
التاريخ: الجمعة 12-4-2019
الرقم: 16955