تأتي ذكرى جلاء آخر جندي فرنسي مستعمر عن أرضنا بالتزامن مع أشد وأقبح ما يمكن أن ينتهجه العدو بحق شعب وقف في وجه الإرهاب، وحاربه نيابة عن العالم كله على أرضه دون كلل أو ملل، وقدم أثمن التضحيات مع جيشه البطل وقيادته الحكيمة في سبيل أن تنعم سورية وتعود لما كانت عليه من أمان وسلام وتعايش يعتبر أنموذجا للعالم.
إلا أن ما يجري اليوم هو معاقبة هذا الشعب وحصاره اقتصادياً من خلال التضييق على أبسط حاجاته الأساسية ليستكين، ويقبل بإملاءات باتت معروفة المآرب للجميع وهي اقتضام مزيد من أراضيه لحساب كيان إسرائيلي مغتصب للحقوق ومتجاوز لكل بنود الإنسانية بما تعنيه من كلمة وإحلاله مكان أصحاب الأرض والحق، وهذا ما لايمكن أن يرضخ له أبناء شعبنا أو يقبلوه مهما كانت العاقبة عليهم؛ بل إنه يقابل كل يوم بأشكال جديدة من الصمود والتحدي وكل على طريقته.
ولعل الأزمة الأبرز وربما تكون آخر فصول الأزمات المفتعلة بحق بلدنا هي أزمة مادة البنزين التي نمر بها اليوم، ويعرف عدونا حجم الضرر الناتج عنها في استهداف معيشة المواطن السوري التي تعاني أساساً من إرهاق مزمن بفعل الحرب طويلة الأمد، وهنا يكون الاختبار الأكبر والأقسى على المواطن الذي اختار البقاء على أرضه مهما وصل حد الأزمات، كما أنه اختبار للأداء الحكومي في اختيارالأدوات والسبل الناجحة في تجاوز الأزمة بأقل التكاليف وخاصة أن هناك من وضع كثير من الملاحظات على هذا الأداء.
في هذه الظروف تتوجه الأنظار إلى مختلف شرائح السوريين حكومياً ومجتمعياً إضافة للأصدقاء، فيما يمكن تقديمه من دعم لتجاوز هذه المحنة وهو محك مهم فلابد من دور حكومي مسؤول ودور وتحرك معنوي داخلي وخارجي من خلال وقفات للبعثات الدبلوماسية والجالية السورية لإبراز ما يتعرض له شعبنا من ضغوط معيشية بسبب الحصار الجائر، ولطالما فعلناها من قبل وكان لها الصدى، كذلك فإن التعويل كبير على الأصدقاء ووقوفهم إلى جانب السوريين في آخر فصول المعركة التي لايمكن أن تنتهي إلا بانتصار إرادتهم فإرادة الشعوب لايمكن أن تقهر.
الكنـــــز
رولا عيسى
التاريخ: الجمعة 19-4-2019
رقم العدد : 16961
السابق
التالي