تحت ضغط اللوبي الصهيوني صاحب النفوذ الأكبر في الولايات المتحدة الأميركية، قدمت صحيفة نيويورك تايمز اعتذاراً عن كاريكاتير يظهر رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بصورة كلب يجرّ خلفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبررت اعتذارها بحجة أن الكاريكاتير تضمن ما يسمى (استعارات معادية للسامية)، وهي التهمة الجاهزة التي يُرمى بها كل من ينتقد إسرائيل أو يدين مجازرها وانتهاكاتها ضد العرب، أو يبدي أي امتعاض منها.
الكاريكاتير الذي يقدم صورة حقيقية ومنسجمة مع الواقع عن العلاقة التي تربط الرجلين، حيث يسير ترامب خلف نتنياهو كالأعمى منفذاً له كل رغباته الدنيئة دون اعتراض، يشير بوضوح إلى حالة من الاستياء في الشارع الأميركي تجاه سياسات ترامب بخصوص إسرائيل، كما أنه يعكس تململاً داخل الإعلام الأميركي ـ وهو الممول بمعظمه من قبل رأس المال اليهودي الداعم لإسرائيل ـ من العلاقة غير النظيفة التي جعلت ترامب ألعوبة بيد نتنياهو يقوده إلى حيث يشاء، إذ قدّم له في أقل من ثلاث سنوات خدمات لم يرضَ الكثير من الرؤساء الأميركيين تقديمها لإسرائيل.
فقد اعترف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لإسرائيل، وباشر بنقل السفارة الأميركية إليها، وهو سلوك خطير لم يقدم عليه أي رئيس أميركي سابق، كما (شرّع) السيادة الإسرائيلية على الجولان العربي السوري المحتل متحدياً بذلك كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، وقدم لنتنياهو دعماً في انتخابات الكنيست مكنته من هزيمة منافسيه والبقاء في منصبه، وما زال يجند كل ما لديه من نفوذ وعلاقات وضغوط لاستكمال (صفقة القرن) بخصوص تصفية القضية الفلسطينية، ويحاول بخطوات مجنونة جرّ المنطقة إلى أجواء حرب مدمرة مع إيران لا مبرر لها، تلبية لرغبات دنيئة لدى نتنياهو، ولا أحد يستطيع أن يتكهن ما الذي يمكن أن يفعله هذا (الأعمى) ـ حسب الكاريكاتير ـ قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة لكسب ود ودعم اللوبي الصهيوني..!
صحيح أن النيويورك تايمز خضعت لضغوط اللوبي الصهيوني واعتذرت عن رسمها الواقعي ولكن ذلك لا يغير شيئاً في الحقيقة، لأن نتنياهو يجر ترامب خلفه كالأعمى، وإذا ما نجح في توريطه بحرب مع إيران فسيتأكد الأميركيون والعالم من الحقيقة التي عبرها الرسم المذكور.
عبد الحليم سعود
التاريخ: الثلاثاء 30-4-2019
الرقم: 16967