في كل اللقاءات التي تجمع الحكومة مع ممثلي العمال قائمة مطالب تتكرر أهمها تحسين الواقع المعيشي للمواطن، والتأكيد على حماية القطاع العام الذي أكد خلال سنوات الحرب أنه أحد أسباب صمود الاقتصاد الوطني وضمانة استقلال القرار الوطني والاقتصادي.
لكن اللافت هذه المرة اللهجة المختلفة لممثل العمال واعترافه بعدم قرب هذه المنظمة النقابية من العمال وبالتالي ابتعاد الحكومة عن هموم ومشكلات هذه الشريحة الكبيرة على مستوى الوطن خاصة في ظل الظروف الحالية الصعبة على كافة المستويات، فلا يكفي الحديث عما قام به القطاع العام والعاملون فيه من تضحيات بل لا بد من تقديم الدعم الحقيقي الذي من شأنه تحسين الواقع المعيشي.
بالفعل كان بإمكان الحكومة فعل الكثير لو أنّ المتابعة من اتحاد العمال كانت أفضل وأكثر التصاقاً بهموم العمال وأكثر إلحاحاً في التواصل مع الحكومة خاصة مع تسويف العديد من القضايا العمالية الملحة والتي من شأنها أن تحقق الاستقرار الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لتلك الشريحة التي أثبتت أنها ضمانة للبلد.
الموقف ينطلق من قاعدة صلبة صنعها دور الطبقة العاملة التي صمدت خلال الأزمة وهذا يتطلب بلورة رؤية عملية فاعلة للقيادات النقابية العمالية تقوم على أساس المزيد من المشاركة في صنع القرار وبطبيعة الحال لن يكون هناك تجسيد حقيقي للدور الذي يطمح له الاتحاد ما لم يكن ثمة تنسيق بينه وبين الحكومة، وما لم يكن هناك أيضاً مسافة فاصلة تتيح للاتحاد أن يتخلى عن دوره التقليدي في أن يكون مظلة للحكومة ويتيح له توجيه الملاحظات للأداء الحكومي بمجمله.
وجود نقابات قوية يعني اتحاد قوي يستطيع المشاركة في صناعة القرار الاقتصادي، ويمكنه لاحقاً من كسب ود المجتمع الأهلي لمنح الأداء الاقتصادي المحلي مزيداً من القوة والزخم لذلك فإن تفعيل دوره من خلال نهج جديد يتضمن توسيع مظلة الخدمات العمالية من شأنه ردم الهوة والبدء بمرحلة جديدة تشكل عتبة عبور للمرحلة القادمة بات أكثر من ضرورة.
المرحلة المقبلة لإعادة الإعمار تحتاج لمحددات كفيلة بإحداث نقلة نوعية في واقع الاقتصاد السوري ككل وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة ومساهمة هذه الشريحة في البناء وإعادة الإعمار لذلك فإن تحسين الوضع المعيشي وتقديم الدعم اللازم لحياة أفضل شرط لازم للقيام بالدور المأمول منه لسورية ما بعد الحرب.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 22-5-2019
الرقم: 16983