هل كنا بحاجة إلى ملتقى خاص لبحث آثار التهريب على الاقتصاد الوطني بعد أن أطلقت الحكومة في شهر شباط الماضي حملة لمكافحة التهريب للوصول إلى سورية خالية من التهريب عام 2019 والذي قطفت ثماره الجمارك على حد زعمها من خلال الأرقام التي طالعتنا بها خلال الفترة الماضية لجهة الغرامات المحصلة وعدد القضايا المحققة.
علماً أنه كان من الأجدى مناقشة هذا الموضوع على مستوى الحكومة والقطاع الخاص وأهل الاقتصاد قبل البدء بأي تحرك بهذا الاتجاه لوضع كل السلبيات والإيجابيات في سلة واحدة والعمل وفق منظومة متكاملة للحد من ظاهرة التهريب التي تفاقمت في الآونة الأخيرة وبشكل فاضح في أسواقنا على مرأى الجهات المعنية.
الغريب أن الحاضرين في الملتقى اتفقوا أنه لا يوجد إجراء حكومي أو سياسة اقتصادية واضحة تخفف من التهريب وهنا الكارثة رغم كل الاجتماعات الحكومية سابقاً والتي كانت تؤكد ضرورة وضع خطة واضحة لمعالجة ظاهرة التهريب التي ترتبط حتماً بالفساد خاصة أن كل محاولات المنع والسماح لاستيراد بعض السلع غير المصنعة محلياً لم تنفع.
لا نأتي بجديد عندما نقول إن التهريب يرتبط بالسياسات والإجراءات الحكومية التنموية المحلية والإقليمية، وتحديداً في المناطق الحدودية كما يرتبط بمدى فعالية الإجراءات والعقوبات، ودور الأجهزة الجمركية في الرقابة وفي مكافحة التهريب.
قد يستغرب البعض أن التشريعات هي السبب الأبرز الذي يدفع لاستفحال ظاهرة التهريب في أي بلد، فإصدار عدد من القوانين التي تخدم عدداً قليلاً من المحتكرين تدفع العديد من صغار التجار للجوء إلى التهريب الذي يعد وجهاً آخر للفساد بشكل أو بآخر.
حتى الآن ورغم كل التشريعات التي تصدر لمواجهة تلك الآفة إلا أن عوائق عديدة تقف أمام خطط الحكومة للحد من هذه الظاهرة خاصة وأن الحكومة ومع بداية عملها ربطت مكافحة الفساد بالحد من التهريب بل والقضاء عليه لكن تبقى المسألة متعلقة بآلية التنفيذ والتي يجب أن تكون واضحة ومتكاملة فلا أحد فوق القانون.
عادة يتم تقليص دوائر التهريب عبر توسيع المظلة التشريعية التي توسع من هوامش الاستيراد، كون التهريب آفة اقتصادية واجتماعية سببها قصور قانوني، وبالمحصلة فإن مكافحة التهريب فعلياً تتطلب مواجهة حازمة معه تحد من تجذره بالمجتمع وقرار يحيي الصناعة الوطنية، الأمر الذي سيقطع الطريق أمام السلع المستوردة والمهربة التي غزت أسواقنا.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 26-6-2019
رقم العدد : 17009