نقوشٌ طي النسيان..

في رسالة وجّهها همنغواي للكاتب الأمريكي فرانسيس سكوت فيتزجيرالد، صاحب «غاتسبي العظيم»، بغرض إثارة حماسة الأخير لمعاودة الكتابة، ذكر معترفاً: أنا أكتب صفحة تحفةً وتسعين من النفايات. وأحاول أن أرمي النفايات في سلتها…
كم من الشجاعة يلزم مبدعاً حقيقياً لقول هكذا اعتراف..؟!
وكم يلزمه ليكون حقيقياً بدايةً مع نفسه قبل الآخرين، لينتج أدباً لافتاً..؟
في كل خطوة نخطوها صوب الآخر.. يبدو أننا نخطو صوب ذواتنا دون أن نلتفت للأمر.. ودون أن نتنبّه أنه يعيد بناء شيء فينا نحن مع كل ما يبدو لنا أنه انكسار وتهشّم للآخر وليس لنا.
هل سبق أن لاحظنا أن محاولاتنا لمعرفة خرائط عقول الآخرين ليست سوى حيلة لمعرفة خارطة العقل الخاص بكل منا..؟!
لكننا نتوه عن اعترافنا بذلك..
في كل رحلاتنا ومغامراتنا التي نبتغيها تجاه عالمٍ خارجي محيط، هل فكّرنا أنها ستقودنا يوماً إلى مزيد من استبصار دواخلنا ومعرفة كنوزها..؟
لم تبدُ كلمات همنغواي إلى فيتزجيرالد، سوى كلمات يوجهها إلى نفسه عن طريق تمويهها بحجة الآخر..
لعله كان يواسي نفسه قبل صديقه حين قال: «أنت الآن أفضل مرتين عن الوقت الذي كنت تظن فيه أنك مدهش»..!
في فيلم (غضب، Fury)، وفي اللحظة التي يلتقي فيها الشاب نورمان بالفتاة إيما، العدوان، يمسك بأحد كفّيها، محاولاً قراءة خطوطه ليكشف ألغازه وتمايز خطوطه: خط القدر، خط الحياة، خط القلب..
كل ما نفعله خلال مشوار عمرنا لا يتعدّى كونه محاولات لفك طلاسم خطوط نحبسها طي كفنا/ذواتنا.. نتعرّف حياةً «خارجية» ليس إلا.. نتفحص تلوناتها وتقلباتها.. لاهين عن فرصة الإمعان عن قرب بنقش استعمر باطن دواخلنا..
ولهذا نتوه عن الإمعان في بواطن ذواتنا.
بإحدى مسرحياته تحدث برنارد شو على لسان إحدى شخصياته قائلاً: «حين أدرك شيئاً أفضل مني فإنني لا أستطيع أن أشعر بالراحة إلا حين أكافح من أجل تحقيقه في الوجود أو التمهيد إليه. وهذا هو قانون حياتي, وهذا ما يتركه طموح الحياة الذي لا ينتهي في أعماقي لإدراك ذاتي أوسع وأعمق ولفهم أشد وضوحاً».
لميس علي
lamisali25@yahoo.com

التاريخ: الخميس 4-7-2019
رقم العدد : 17016

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب