رغم أن تداول أي أرقام عن حجم الخسائر التي تسجل في العديد من الإدارات والشركات والمؤسسات العامة لم يعد يشكل مفاجأة لأحد في ظل استمرار تراجع أداء وإنتاجية بعضها وضعف الإدارات القائمة عليها، ما أفضى بالنتيجة لغياب المبادرات القادرة على النهوض بها وتطويرها وترك مساحة كبيرة ومريحة لعمل الفاسدين وتفشي الفساد.
إلا أن استمرار البعض من تلك المؤسسات بتسجيل المزيد من الخسائر رغم كل الأحاديث التي يتم تداولها عن المعنيين عن إجراءات حازمة وغير مسبوقة بحق إدارات لم تستطع مع كل ما يقدم لها من دعم واهتمام من نقل مؤسساتها وشركاتها لواقع أفضل أقله على صعيد وقف الاستنزاف فيها، ولعل الاجتماعات الأخيرة وما سبقها للجهات التنفيذية في مقر العديد من تلك المؤسسات والإدارات المهمة والحيوية ما يؤكد أن زمن التساهل والتغاضي عن ارتكاب التجاوزات وتفشيل المؤسسات وتكبيدها خسائر إضافية لن يقبل بعد اليوم.
لطالما كنا نطالب وندعو كمواطنين وإعلام أن ترتقي القرارات والإجراءات الحكومية لمستوى المرحلة الاستثنائية التي يمر بها البلد لجهة عدم السماح لأحد باستغلالها لمصالح ضيقة وشخصية، أو أن تشكل فرصة للفاسدين للقفز فوق القانون على اعتبار أنهم بمنأى عن المحاسبة ومن وقع منهم واكتشفت تجاوزاته وفساده كان اتخاذ قرار إعفائه وذهابه لبيته من دون محاسبة أو مساءلة ليس فقط عن سرقاته، وإنما عن المرحلة المتردية التي وصلت إليها مؤسسته أو إدارته عاملاً مساعداً شجع الكثيرين على تكرار التجاوزات نفسها التي مارسها من سبقهم طالما أن القرار الوحيد المتخذ بحقهم سيقتصر على الإعفاء.
من هنا فإن تأكيد المسؤولين عدم السماح مجدداً بتكرار الخسائر يجب أن يقترن بتأكيد أكثر أهمية وهو ما ينتظره المواطن الذي كان يدفع وحده ثمن تلك التجاوزات الخطيرة، طبعاً من دون إغفالنا للتأثير السلبي لها في الاقتصاد الوطني وخزينة الدولة التي كانت قلة موارها تتردد على لسان أغلبية المعنيين لتبرير عدم القدرة على تحسين الواقع المعيشي وتتمثل بأن كل يد ساهمت في تردي واقع عمل وإنتاجية أي شركة أو مؤسسة عامة ستحاسب لتكون عبرة لغيرها لعدم التجرؤ على السير في طريق استغلال وضع البلد، وأن يكونوا عليه لا معه في أصعب مرحلة يمر بها.
هناء ديب
التاريخ: الخميس 4-7-2019
رقم العدد : 17016