فجأة، وبدون سابق إنذار أو تقنين معلن، انقطعت الكهرباء في بيتنا ليلاً ليبدأ السباق بين أفراد عائلتي باتجاه (الولاعة) الوحيدة الصالحة للاستخدام، حيث جرت معركة (سلمية) عند باب المطبخ لإشعال الشمعة الأخيرة.
وقبل أن تبدأ التحليلات حول أسباب انقطاعها ودوافعه، جاء صوت التصفيق ابتهاجاً بعودتها حاداً من عند الجيران في الأعلى والأسفل وعلى الجنبين، في حين (ابتهجت) الأدوات الكهربائية في بيتنا على طريقتها، مفرقعات وألعاب نارية وروائح بارود وأسلاك وفيوزات تحترق.
بسرعة قامت زوجتي بجولة (وزارية) يرافقها الأولاد لتفقّد الخسائر والأضرار وقدّمت تقريرها..الغسالة خارج التغطية، التلفزيون في غيبوبة، أما البراد (حفظه الله) فقد تلقى صفعة جمدته كيميائياً وفيزيائياً، ولم يكن الراوتر والكمبيوتر الموصولين على الدوام بعيدين عن (صفعة الشهر) المتكررة، ليحاصرني الجميع بالطلب التعجيزي المعتاد..
ــ شرّفْ اتفضّلْ حلْها يارجّال البيت..؟!
انعقد لساني لثوانٍ قليلة، وما إن هممت بتكرار موشح (الشتم) الاعتيادي بحق فولطا وأديسون وأمبير، حتى بادروني بالقول:
ــ موشحك قديم ولا جدوى منه..!
هنا حككت رأسي وفكرت لبرهة قبل أن يهبط الحل الخنفشاري:
ـ بالنسبة للغسالة بسيطة يمكن الاستعانة (بالطشت) على طريقة المرحومة ستّي، وأما بالنسبة للكمبيوتر والتلفزيون فمن الأفضل الأخذ بنصيحة جدي (أبو الطيب) بخصوص (خير جليس) ثم أشرت بإصبعي إلى البراد.. وأما (هذا) فيصلح مكتبة عظيمة..!
نظر إليّ الجميع نظرة (إعجاب) ثم صفقوا (بحماسة) وعادوا للسؤال:
ـ كأنك تجاهلت الراوتر يا عبقري زمانك.. فهل ورد بديلٌ عنه في تراث أجدادك الأكارم..؟!
هنا علا صوتي قليلاً بغية السيطرة عليهم وإنهاء النقاش لصالحي..
ــ انشالله ينباع بالعزا..
فهتفت عائلتي والجيران بصوت واحد: كل شي إلا «الرواتر»..!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الأحد 14-7-2019
الرقم: 17023