علاقتي مع الرقص مقطوعة منذ زمن بعيد، وآخر ذكرياتي معه تعود إلى فترة المراهقة، إذ كنت بارعاً (بالرقصة الروسية) المشهورة، غير أني بالأمس استعدت لياقتي الضائعة وأصابتني حمى الرقص بعد (خبر) مفرح، ورغم أن حركاتي كانت أقرب للتهريج إلا أن عدداً من أفراد عائلتي زادوا من حماستي بالانضمام إليّ، مطبقين قول سبط التعاويذي (إذا كان رَبُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً.. فشيمةُ أهلِ البيت كلِّهِمُ الرَّقصُ).
وبما أن الفرح معدٍ، فقد انضم عدد من الجيران إلى مسرحنا الراقص دون استئذان، لتخرج الأمور عن السيطرة بعد ذلك، إذ امتلأت الحارة بحلقات الدبكة والرقص والأغاني الشعبية كما لو أنه حفل تدشين أو مباراة كرة قدم، وقد تطوّر الأمر إلى قيام أحدهم بإطلاق الرصاص ابتهاجاً، في حين تكفّل آخر بتوزيع (المسابح) على رؤساء الحلقات ومساعديهم، كما زغردت النساء ونثرن الأرز والسكاكر فوق روؤس الدبيكة..!
مضت الدقائق الأولى من المهرجان سريعة وحامية، إلى أن تدخل الجار أبو الطاقة السلبية وبدأ بالتشويش كعادته، إذ لم يسبق له أن حضر عرساً إلا وقلبه مأتماً، وراح يمطرني بأسئلته السمجة، فانبريت له متحدياً، وقد تعمدت أن أسدد له (لكمة) تطيح بأفكاره السوداء:
ــ افرح يا عم.. طلعت (زيادة) الرواتب..؟!
ــ وليش فرحان كل هالقد.. بكرا التجار (بيلهطوها) عالبارد المستريح؟!
وبينما كنت أستعد لتسديد (اللكمة) التالية لوجه جارنا (الحقود) سألتْ زوجتي باستغراب:
ــ ومين زفلك هالخبر المفرح..؟!
فأجبتها بثقة الموظف الواثق من (الصرافات الآلية) كل آخر شهر:
ــ النشرة المسائية..!
فضحكت بسخرية وتنهدت بمرارة ثم قالت:
ــ كم مرة قلتلك (نشرة الأخبار) ما لها علاقة ببرنامج (حدث في مثل هذا اليوم)..!!
– صحيح.. بس عم يدرسوها..!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 22-7-2019
الرقم: 17029