مع ردة الفعل الطبيعية والمشروعة والشجاعة التي قامت بها إيران مؤخراً في مضيق هرمز احتجاجاً على التصعيد البريطاني المتمثل باحتجاز ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق قبل أسبوعين، يدخل الغرب وعلى رأسه إدارة ترامب في حمى من الحسابات شديدة الخطورة، بحيث يصعب تحديد أي من السيناريوهات التي من الممكن اللجوء إليها، كون الرسائل الإيرانية شديدة اللهجة وتعكس استعداداً عالياً لكل الاحتمالات.
أولى الرسائل التي وضعتها إيران في بريد الغرب المتملص من التزاماته في الاتفاق النووي، هو أن محاصرتها والتضييق عليها وتجويع شعبها بعناوين مزيفة هو خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه مهما كلف الأمر، وأن منع الحكومة الإيرانية من تصدير نفطها الخام الذي يشكل الرافد الأكبر لاقتصاد إيران، هو حرب اقتصادية قاسية لا يمكن الإذعان لشروطها.
ثاني رسائل إيران أنها قادرة على إغلاق مضيق هرمز في حال أرادت ذلك، وأن أمن الملاحة في هذه المنطقة الحيوية من العالم لا يمكن ضمانه بمعزل عن إيران أو التفاهم معها ومراعاة مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.
ثالث الرسائل هو استعداد إيران لكل الخيارات والاحتمالات المطروحة بما في ذلك المواجهة العسكرية، فلا أحد يهولن على إيران أو يحاول تخويفها، وأوضح الأمثلة في هذا المجال هو إسقاط فخر الصناعة التجسسية الأميركية وإحجام واشنطن عن الرد تبصراً بالنتائج الكارثية المتوقعة.
ما من شك أن الكرة حالياً باتت في ملعب الغرب المتغطرس وكل من يحرّض على التصعيد والعنف ويصب المزيد من الزيت على نيران الحرائق المشتعلة في المنطقة، ولعل السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق وغيره من مآزق المنطقة يكمن في تخلي الغرب وأدواته عن لغة البلطجة والتهديد والاستعلاء التي يمارسونها، لأن مصائر ومصالح الشعوب الحرة والدول المستقلة ليست مادة للمساومة والابتزاز أو لعبة يتسلى بها الحمقى وأصحاب الأجندات الخرقاء.
hsauood@gmail.com
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 22-7-2019
الرقم: 17029