النظافة هي أهم مقومات السياحة، وهي مظهر حضاري وجاذب حقيقي لكل النشاطات الأخرى بما فيها الاستثمار، وعندما نفشل في التصدي لموضوع النظافة سنكون عاجزين عن التصدي لأي ملفات أخرى.
النهضة الماليزية انطلقت من النظافة التي جذبت السياحة وشجعت على الاستثمار في القطاع الصحي ولحق ذلك الاستثمار في كافة القطاعات، والنظافة في ماليزيا انطلقت من الاجتماع الحكومي الأول لحكومة مهاتير محمد التي خلصت في اجتماعها لقرارات صارمة في موضوع النظافة في وقت كان ينتظر فيه الشارع الماليزي قرارات اقتصادية من شأنها إيجاد بديل اقتصادي للمطاط بعد انتشار المطاط الصناعي ولكن الامتعاض الشعبي للقرار تحول خلال شهر إلى نشاط سياحي خارجي كثيف جلب معه كل أشكال الاستثمار.
غياب النظافة هو القاسم المشترك لكل الأحياء والشوارع في المدن السورية مع تباين الأمر بين مدينة وأخرى ولكن عاصفة ريحية واحدة تساوي بين جميع الشوارع كوحدة رد الجهات المعنية على موضوع غياب النظافة والمتجسد بضعف الإمكانيات وبالتالي لا حاويات، لا صيانة للآليات، عدم القدرة على تعيين عمال نظافة، لا محروقات، صعوبة في ترحيل القمامة أو رميها في أقرب نقطة وغاباتنا والحرائق تؤكد ذلك.
النظافة ليست محصورة بعمال النظافة والجهات المعنية، النظافة ثقافة عامة وعقوبات رادعة تكون بمثابة عقوبات الأهل للأبناء في تعليمهم، تجعل الجميع يمتلكون ثقافة النظافة واحترام القوانين كما يجعلهم التعليم ممتلكون للمعلومة.
النظافة قرار قبل أن تتكرس ثقافة وعندما لا نستطيع التصدي لملف جوهري في رسم انطباع الآخرين عن بلدنا وأساسي لصحتنا وبيئتنا كيف سنتصدى لملفات الإعمار والاستثمار وإعادة المغتربين أو على الأقل إقناعهم بالاستثمار في البلد.
مظهر شوارعنا لا يليق بتاريخنا وحضارتنا ولا يبشر بمستقبل، فكل بناء بمظهر وكل شقة بنفس البناء بمظهر مختلف وحتى ما كنا نحتفظ به من هوية بصرية فقدناه وغدت مظاهر الأبنية هوية للتباين الاجتماعي ومؤشر للتمايز الطبقي وملوث بصري ونفسي.
لا الرخام الإيطالي ولا الديكور الأميركي ولا النمط الغربي يعبر عن رقي شارع وحضارة ساكنيه وإنما بالنظافة واحترام القوانين نعبر عن أنفسنا ورقينا وحضارتنا وتألفنا الاجتماعي.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 20-8-2019
الرقم: 17051