حدثني صديقي أبو الريش قال:
حضرتُ قبل يومين اجتماع لجنة دراسة واقع العمل في أحد المعامل، حيث بدأ الاجتماع بكلمة موجزة للمدير العام للمعمل، قال فيها: أريد التأكيد على نقطتين مهمتين..
الاولى: واقع المعمل غير سار لأنه خاسر..
الثانية: يجب أن تعلموا أنني من مُحبّي التراث، ومن الداعين إلى الحفاظ عليه..
ولذلك يجب أن تكون جميع آرائكم ومقترحاتكم تحت سقف الحفاظ على التراث..
صفق الحاضرون طويلاً للمدير العام لاهتمامه بالتراث والحفاظ عليه
ثم تم فتح باب النقاش لعرض الآراء والمقترحات.. فقال أحد المهندسين (مدير فني):
إن المعمل خاسر رغم ما نصنعه هي من المنتج الطبيعي المعالج بطريقة متطورة، والذي يتفوق من حيث الجودة والسعر على مصنوعات المعامل الخاصة..
أما سبب خسائر معملنا وربح المعامل الخاصة فلأنهم يتابعون الموضة ويعدّلون القوالب والأمبلاجات بما يتوافق مع ذوق المستهلك.. بينما نحن نصنّع أحذيتنا بقوالب قديمة، غير مرغوبة من المستهلك.
واختتم منتجاتنا كلامه بالقول: إذا أردنا تصريف إنتاجنا، وتحويل المعمل من خاسر إلى رابح فلا بد من تغيير القوالب وتحديثها بما يتناسب مع ذوق المستهلك.
كان الجميع يتابعون باهتمام كلام المهندس لكنهم يسترقون النظر إلى وجه المدير العام ليقرؤوا ردة فعله، وليحدّدوا مواقفهم بناء عليها..
المهم أن المدير العام اتهم المهندس بتحديه، وبالتمرد على التراث من خلال التمرّد على القوالب التي أبدعها سَلَفُنا، والتي أصبحت تراثاً يجب الحفاظ عليه، والاعتزاز به..
وأكد ضرورة الحفاظ على تلك القوالب، مبيناً أن الجانب المعنوي والتراثي أهم بكثير من الجانب المادي.. فصفّق الحاضرون طويلاً لاهتمام المدير بالتراث.
وفي اليوم الثاني أصدر المدير قراراً بإعفاء المهندس من مهمة المدير الفني للمعمل.
سألتُ (أبو الريش): وبأي صفة حضرت الاجتماع؟
فقال: المدير جاري.. أخذتُ له هدية (من ماركة ايطالية) لتعيين أخي (أبو المداجن) مديراً فنياً بالمعمل.
هلال عون
التاريخ: الاثنين 26-8-2019
الرقم: 17056