مأزق «إسرائيل».. وسياسة الهروب إلى الأمام

يقول نعومي وين و جين وارن لصحيفة الغارديان البريطانية وفي معرض ردهما على رسالة يائير كلاين حول خطاب الكراهية.. يقولان إن كلاين يحاول الدفاع عن إسرائيل العنصرية والتخفيف من نظرة العالم إلى هذه العنصرية المتمثلة بعملية التطهير العنصري وبأنها دولة فصل عنصري تمارس التطهير العرقي، وهناك مئات بل آلاف الأدلة على ذلك.
مثلاً: تدير إسرائيل نظامين قانونيين في الضفة الغربية؛ نظامان يسمحان بالتطوير السكني في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية كتب عليهما (نعم لليهود ولا للفلسطينيين)؛ وهناك نظامان للطرق في الضفة الغربية جديدان وسريعان للمستوطنين (اليهود) نُفّذا فعلاً، ويتخللهما نقاط تفتيش من قبل الإسرائيلين لمنع الفلسطينيين من العبور. لقد قامت إسرائيل بحملة استمرت لعقود من الزمن لتدمير منازل الفلسطينيين ولحرمانهم من حقوقهم وثقافتهم خاصة في النقب، حيث يحرم سكان مدينة النقب من الفلسطينيين من أي حق في تقرير المصير.
وإسرائيل هي كيان عنصري يمارس التطهير العرقي هو أمر سامٍ للكيان الصهيوني والقائمين على الحكم في إسرائيل، و IHRA أي معاداة السامية وتشويشها هو أمر مصيري وأساسي لإسرائيل العنصرية. وقد قالها زعيم حزب العمل جيريمي كوربين. (مع وجود بلاده بريطانيا على شفا حفرة من الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتساءل قائلاً: لماذا يتم معاداة السامية في كل نشرة أخبار إسرائيلية وحتى بريطانية؟ وكان كلام كوربين صادماً للجميع من يهود وبريطانيين وخاصة عندما قال: (سأقوم باستئصال معاداة السامية، ورداً على هذا الكلام كانت الحملة الأكثر فظاعة للوبي الإسرائيلي في إنجلترا وهي موجهة ضد جيريمي كوربين: وقد أدت الاتهامات الباطلة التي تعرض لها قائد حزب العمال كوربين والضغط الكبير الذي مورس عليه من أجل اعتماد (تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة) والأمثلة المرافقة له حتى تم أخيراً رضوخ الهيئة التنفيذية للحزب في النهاية لهذا التعريف واعتماده. وحتى يومنا هذا اعتمدت ثماني دول أوروبية تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة لمعاداة السامية وهي رومانيا، النمسا، ألمانيا، بلغاريا، سلوفاكيا، إيطاليا، المملكة المتحدة وأيضا مقدونيا من خارج الاتحاد الأوروبي.
وهذه ليست المرة الأولى فقد عمل المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بفرنسا (كريف) على الترويج لها. فهي تتبع محاولة لتجريم حركة (بي دي إس) للمقاطعة وسحب الاستثمارات لأنه لا يوجد أي قانون في فرنسا يمنع مقاطعة دولة تنتهك سياستها القانون الدولي وحقوق الإنسان. وإن لم يكن ذلك لكان منظمو مقاطعة نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا محل متابعات قضائية. في حين لم يحدث أي شيء من هذا القبيل في ذلك الوقت، فمن بين مئات عمليات المقاطعة كانت نادرة هي الحالات التي كانت تخضع لحكم قضائي وكانت إحداها بمدينة كولمار وخضعت لقرار من محكمة النقض والذي يمكن أن تطعن فيه المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان، خاصة بعد تأكيد الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن، فيديريكا موغيريني، بوضوح: قائلة (يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً ثابتاً لصالح حماية حرية تكوين الجمعيات بما يتماشى وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي السارية على أراضي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك حركة (بي دي إس)، أي حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات).
وتبدو هذه الحملات ضد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ومن أجل اعتماد (تعريف) التحالف الدولي لذكرى المحرقة هي مناورة مُبيتة: الهدف منها هو إسكات كل انتقاد للسياسة الإسرائيلية. وذلك لأن الحكام الإسرائيلين جد معزولين وفي المقام الأول داخل منظمة الأمم المتحدة، بينما انضمت دولة فلسطين على التوالي إلى اليونيسكو (2011) ثم إلى الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة (2012) وحتى إلى المحكمة الجنائية الدولية (2015)، ويشير لذلك آخر تصويت للجمعية العامة حول (حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بما في ذلك الحق في دولة مستقلة) في يوم 17 كانون الأول 2018 وصوتت 172 دولة بنعم و6 بلا (منها إسرائيل والولايات المتحدة وكندا وأيضاً جزر مارشال والدول الموحدة ميكرونيزيا ناورو).
ومن غير المنتظر أن تتقلص مساحة هذه العزلة، فاليمين واليمين المتطرف اللذان هما في السلطة بتل أبيب ماضيان في مسار متطرف مقلق، فهما يريدان -مستفيدين من دعم إدارة ترامب وتحالفهما مع السعودية- الانتقال من الاستيطان الذي يعجلان به إلى الضم العسكري الذي يجري الإعداد به عبر عدة قوانين، ومن شأن التحالفات التي يربطها بنيامين نتنياهو مع الشَعْبَوِيين والفاشيين الجدد، خاصة في أوروبا، أن تثير السخط عليه، فكيف يمكن لرئيس وزراء هذا البلد، الذي لا يكف عن ذكر المحرقة لتبرير سياسته، أن يغازل قادة يشيدون بالمتعاونين مع النازيين مثل فيكتور أوربان، أو مثل ياروسلاف كاتشنسكي، أو الذين يتبنون بصوت شبه معلن الفاشية مثل ماتيو سالفيني؟ لا شك أن هذا الهروب إلى الأمام من شأنه توسيع الفجوة بين إسرائيل والرأي العام.
ترجمة وإعداد: غادة سلامة

التاريخ: الخميس 29-8-2019
رقم العدد : 17059

 

آخر الأخبار
محافظة حلب تبحث تسهيل إجراءات مجموعات الحج والعمرة  جلسةٌ موسّعةٌ بين الرئيسين الشرع وبوتين لبحث تعزيز التعاون سوريا وروسيا.. شراكةٌ استراتيجيةٌ على أسس السيادة بتقنيات حديثة.. مستشفى الجامعة بحلب يطلق عمليات كيّ القلب الكهربائي بحضور وفد تركي.. جولة على واقع الاستثمار في "الشيخ نجار" بحلب أطباء الطوارئ والعناية المشددة في قلب المأزق الطارئ الصناعات البلاستيكية في حلب تحت ضغط منافسة المستوردة التجربة التركية تبتسم في "دمشق" 110.. رقم الأمل الجديد في منظومة الطوارئ الباحث مضر الأسعد:  نهج الدبلوماسية السورية التوازن في العلاقات 44.2 مليون متابع على مواقع التواصل .. حملة " السويداء منا وفينا" بين الإيجابي والسلبي ملامح العلاقة الجديدة بين سوريا وروسيا لقاء نوعي يجمع وزير الطوارئ وعدد من ذوي الإعاقة لتعزيز التواصل عنف المعلمين.. أثره النفسي على الطلاب وتجارب الأمهات عزيز موسى: زيارة الشرع لروسيا إعادة ضبط للعلاقات المعتصم كيلاني: زيارة الشرع إلى موسكو محطة مفصلية لإعادة تعريف العلاقة السورية- الروسية أيمن عبد العزيز: العلاقات مع روسيا لا تقل أهمية عن العلاقات مع أميركا وأوروبا الشرع وبوتين : علاقاتنا وثيقة وقوية وترتبط بمصالح شعبينا المكتب القنصلي في حلب.. طوابير وساعات من الانتظار بوتين والشرع يؤكدان في موسكو عمق الشراكة السورية الروسية