بعد أكثر من عام على تشكيل لجنة لإصلاح القطاع العام الاقتصادي كانت النتيجة تشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ التوصيات التي خلصت إليها مجموعة العمل المكلفة بإصلاح هذا القطاع وكأن الأمر بحاجة فقط لتشكيل لجان، مع أن التوجه الحكومي كان مع الابتعاد عن مصطلح اللجان وتشكيل فرق عمل لإعطاء مزيد من اللامركزية والمرونة للجهات المنفذة .
إصلاح القطاع العام الاقتصادي الذي كان مطروحاً منذ أكثر من عشر سنوات، أي قبل فترة الأزمة ولم يجد طريقه للإصلاح لن يكون من خلال تشكيل لجان بل بحاجة لإرادة حقيقية للبدء بالإصلاح، فالجميع يعلم ويدرك الحلول التي من شأنها النهوض بهذا القطاع الذي أثبت أنه أحد عوامل صمود الاقتصاد الوطني وضمانة استقلالية القرار الوطني والاقتصادي .
ببساطة وقبل البدء بأي إصلاح لا بد من إعادة تأهيل الموارد البشرية المعنية بعملية إصلاح هذا القطاع ووضع خطة شاملة لإدارة التغيير وضرورة توسيع وتطوير مفهوم المرافق العامة الاقتصادية والمؤسسات المنوط بها إدارتها بما يتناسب مع التطور الكبيرالذي حصل في أشكال المؤسسات العامة الاقتصادية وصلاحياتها ومهامها والاحتياجات التي تستجيب لها وآليات عملها والظروف التي تمارس فيها نشاطاتها.
لكن بالمقابل نحن بحاجة لقوانين وتشريعات مرنة على قياس هذا القطاع من شأنها إيقاف النزيف المادي للمؤسسات العامة وإصلاح مكامن الخلل في أدائها.
كل السيناريوهات والمحاولات المتعلقة بإصلاح هذا القطاع لـم تُحدث اختراقاً جدياً كونها لم تسهم ولو بالحد الأدنى بمكافحة الفساد والروتين والبيروقراطية التي تعد سبباً رئيسياً في الانطلاقة الصحيحة وخاصة أن العنصر الأهم لإصلاح أي جهة يبدأ بإدارة تمتلك مقومات مهنية.
لا نعتقد أن الأمر صعب وخاصة مع وجود تجارب ناجحة خلال فترة الحرب لبعض شركات القطاع العام الاقتصادي، فرغم الظروف الصعبة تمكنت من العودة الى الإنتاج بإمكانيات متواضعة جداً وبقليل من السيولة.
لذلك نحن أمام تحد حقيقي هذه المرة للوصول إلى نتائج إيجابية وليس مجرد تشكيل لجان وقرارات بعيدة عن الواقع وهذا يحتاج لإرادة وشجاعة وتجاوز كل العراقيل التي من شأنها عدم بلوغ الهدف، وكما نقول جميعاً بالعامية (إذا بدك تخرب موضوع شكل له لجنة).
ميساء العلي
التاريخ: السبت31-8-2019
رقم العدد : 17061