التقيت بصديقي «المترف» منذ مدة في مناسبة عامة، فسألني عن أحوالي فأبديت امتعاضي وتذمري، فقال: لعلك مفلس ومستسلم لحالتك، فقلت: على العكس أنا أعمل كل ما بوسعي ولكن الأحوال لا تتغير، فقال: لأنك جاهل بعلم الطاقة فهل جرّبته قبلاً..؟!، قلت: وماذا يفيدني علم الطاقة إذا كانت الحالة شبه عامة، فقال: ما شأنك بالآخرين، فهأنذا أمامك كل ما أملكه من بيوت وسيارات وأرصدة بالبنوك كلها بسبب خبراتي بعلم الطاقة..!!
فقلت: كلامك مخالف للمنطق ولا ينقصك سوى القول «هذا من فضل ربي»..؟!
فضحك ثم قال: ما قولك في نظرية الجذب..؟!
قلت: وما هذه النظرية يا أوناسيس زمانك..؟!
قال: هي أن تستغل الفرص وتركّز كل تفكيرك على جذب المال وتحصيله بأي طريقة، كما تفعل «وزارة المالية»، وبعد فترة «صدقني» ستجد رزم المال في الشارع ..؟!
في اليوم التالي حاولت أن أجرّب نظرية الخبير، فبدأت من الحارة التي أسكن بها، وركّزت كل تفكيري على «جذب المال» لعلني أجد شيئاً في طريقي، ولكني لم أعثر إلا على متسولين وعاطلين عن العمل فكروني ثرياً فهربت منهم، ثم انتقلت إلى حيّ راقٍ، وبينما أنا شارد أفكر وعيناي ملتصقتان بالأرض، خرج من إحدى البوابات الفخمة رجل ضخم يجرّ كلباً شرساً بوساطة سلسال أنيق، وما أن رآني الكلب حتى علا نباحه واتجه نحوي، فجفلت وسألت مرافقه بخوف: ما باله يستهدفني..؟!
ــ إنه يكره المفلسين لأنهم لا يقدمون له شيئاً..؟!
ــ وكيف يعرفهم..؟!
ــ يشمّ رائحة جيوبهم الفارغة..!
ــ وهل يعرف اللصوص..؟!
ــ كيف يتعرّف إليهم..؟!
قلت: أثروا خلال الحرب على حساب لقمة عيش الفقراء وتاجروا بكل شيء، بنوا الفيلل الخاصة والنوادي الليلية والمولات، وحفظوا بعض الشعارات والأقوال وراحوا يرددونها في كل مناسبة….وبينما كنت أسرد باقي التفاصيل..زمجر الكلب غاضباً واتجه نحوي بلؤم متحدياً..فقلت: ماباله..فقال: لقد دست على طرف ذيله وأسأت إلى أولياء نعمته..؟!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الجمعة 18-10-2019
الرقم: 17101