يقولون (لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين) ويقولون أيضاً (الفهلوي لا يقع في الحفرة مرتين)، وثمة اجتهادات كثيرة حول مفهوم الفهلوي هنا، تستدعي اللياقة الأدبية تجاهلها احتراما للقارئ، ففي بلادنا هذه الأيام تكثر الحفر التي تستدرج الفهلوي وغير الفهلوي معاً، وخاصة إذا كان ممن يملك سيارة بحاجة إلى صيانة أو إصلاح أو تصويج تستدعي زيارة (مكنسيان) أو أو، وبالتالي فإن احتمال الوقوع في الحفرة ولدغ الجيوب مرة تلو المرة كبير جداً، وذلك بعد أن اضمحلت ضمائر البعض إلى حدود التلاشي.
من الممكن جداً أن تزور طبيباً للاطمئنان على صحتك، فيكتفي بكشفية رمزية أو (فلكية) تبعاً لضميره المهني والإنساني، ولكن من النادر جداً أن تزور (طبيب) سيارات ــ البعض يتصرف كما لو أنه طبيب فعلاً ــ دون أن تلعن اليوم والساعة والدقيقة والثانية التي رأيته فيها، إذ يتفنن البعض منهم في اختراع الأعطال الخطيرة التي تتطلب الفك والإصلاح الفوري وتبديل قطع غيار، وستجد عنده من قطع الغيار الجديدة أو المستعملة لزوم الحالة التي يصفها ــ وكلما كنت قليل خبرة فسيكون من نعم الدنيا عليه ــ مع العلم أن أغلب قطع الغيار الموجودة في السوق غير أصلية، ومع ذلك هناك من يؤكد لك بأنها وكالة ومن بلد المنشأ ــ وبالمناسبة ليس باعة قطع الغيار بأفضل حالاً ــ لتكتشف بعد التركيب أنها مزوّرة أو مقلّدة، وضرب (الأبلسة) هنا، أن لقطع الغيار متخصصين بوضع علامة المنشأ التي تخطر في بالهم، إمعاناً في الغش والتدليس والربح المضاعف إذ لا نقابة ولا رقابة ولا حماية مستهلك ولا من يحزنون..!
المفارقة هنا، أن الطبيب يحتاج إلى عشرات السنين من الدراسة والبحث والتشريح والخبرة والعمل المضني كي يصل إلى المستوى الذي تثق به الناس وتؤمنه على أرواحها، فيما لا يحتاج فاشل دراسياً سوى أشهر أو سنوات قليلة للعمل في ورشة حتى يصبح خبيراً بالنصب وبالتالي أعلى دخلاً من الطبيب..!!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الجمعة 20-12-2019
الرقم: 17151