أبعد من جنون

 احبب من شئت , فأنت مفارقه , واجمع وكدس ما استطعت من الثروات , أيضا سوف تتركها وتمضي إلى حيث المستقر النهائي , فلا المليارات تنفعك, ولا ما يمكنك أن تصله بقادر على أن يكون لك إلا مدة حياتك , مبدأ عام ليس زهدا ولا ابتعادا عن العمل, لا, بل الدعوة للعمل بنور العقل والقدرة على العطاء كما الأخذ , فالدنيا ليست لك وحدك , والثروات المؤتمن عليها هي ملك الجميع , فلا يغرنك بطرك ليوم أو ايام, مهما صلت وجلت فالمحصلة معروفة حاجتك معروفة , فلنقل إنك كدست مليارا.. عشرة.. مئة.. وماذا بعد ؟
ما الذي يمكنك أن تفعله بها, أليس من الضرورة بمكان أن تعمل على مشاريع استثمارية تنفع الناس , وتكون لبنة في بناء وطنك , أي وطن تنتمي إليه , في الغرب , في الشرق, في الشمال, في الجنوب , المهم أنك تنتمي إلى فعل العطاء والبذل والقدرة على أن تترك بصمة في سيرة الآخرين.
هذا المشهد للاسف لا نراه عند الأثرياء العرب ورجال الأعمال , فمن خلال الاطلاع على الكثير مما يكتب وينشر عن الثروات الخرافية التي يملكها رجال أعمال وحكام عرب, تشعر أنك في عالم فيه من الدناءة ما لا يوصف, لا سيما في ابواب صرفها والعبث بمقدرات الأوطان, هذا يشتري حمارا بريطانيا بثلاثة ملايين جنيه استرليني, وذاك يتبرع بعشرة ملايين دولار لحديقة حيوانات في لندن, وذاك يدفع ملايين الملايين لراقصة قضت معه يوما واحدا, والأنكى من ذلك الترف الذي لا مبرر على أدوات لا أحد يعرف ماذا تعني لهم..
هل يعقل أن يصرف ما يصرف على (مرحاض ) ليكون من الذهب الخالص؟ ماذا يعني ذلك , وماذا يعني أيضا أن يهدي أحدهم امرأة سيارات مرسيدس منقوش على كل واحدة منها حرفا من اسمها ليكتمل الاسم بها كلها؟
وبمكان آخر يفترض أنه للتقوى والتعبد والشعور بالآخر, يوضع (الميكرفون من الذهب الخالص) وغير ذلك كثير كثير, ثروات خرافية تهدر على ما لافائدة منه , كم نتمنى لو أن أحدهم خصص جزءا منها لتعليم الفقراء ببلد عربي , لبناء مشفى , لمعالجة الامراض المستعصية مثلا ..
لو أن ثريا عربيا موّل محطة عربية لنشر الفكر التنويري, لبناء مراكز أبحاث في الغرب تحسن من صورتنا المشوهة , لو أن ثريا عربيا قدم جائزة ما في الطب أو العلوم أو الآداب دون أن يسيسها , أو يصبغها بلون ما , ثروات خرافية لا أحد يعرف كيف تنفق وعلام..
ويسأل البعض: لماذا تشوه صورتنا في العالم ؟ هل يرون غير حملة دفاتر الشيكات ؟ هل من أحد بقادر على أن يحصي منذ عهد ألف ليلة وليلة حتى اليوم ثروات الأمة المهدورة , ليت أحدا ما يفعل ذلك , ربما لا يوجد رقم في سلم الاعداد يدل على المبلغ الذي وصلت إليه , إنه الجنون بحد ذاته, والعار الذي لا يمكن أن يمحوه التاريخ, فالفقر في الوطن العربي من الماء إلى الماء, وثرواتنا تهدر على الرخيص من الليالي والأفعال.

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 7-2-2020
الرقم: 17187

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية