على الرغم من قساوة الخسائر التي تكبدتها البنوك الخاصة في فترات عديدة خلال السنوات الماضية، وعلى الرغم من حلاوة تجاوز أغلبها حالياً، فإننا لم يسبق لنا أن سمعنا أي تصريحٍ ولا بيانٍ بهذا الصدد من أي شخصية من الشخصيات البنكية، لتوضيح ما جرى، وما الأسباب .؟ وهذا مأخذٌ أدبي – قبل أن يكون فنياً وتقنياً – نسجله على بنوكنا الخاصة التي نرى بضرورة طرح نتائج أعمالها على الملأ، والنقاش حولها وتوضيحها، وعدم الاكتفاء بتلك الإفصاحات المُعقدّة التي تقدمها لهيئة الأوراق والأسواق المالية، أو لسوق دمشق للأوراق المالية .
هذا الإحجام الإعلامي لا نعتقد أنه سيكون سنداً للبنوك الخاصة في تجاوز عقباتها وتحسين أدائها، ولا بضمان مصالحها عبر تحقيق أفضل النتائج.
الذي لا شكّ فيه هو أن البنوك الخاصة – وبما في ذلك الإسلامية طبعاً – يُسجّل لها موقفها الوطني الواضح، بأن استمرت في عملها طوال سنين الحرب العدوانية على سورية، ودون أي انقطاع، على الرغم من المخاطر والخسائر التي تكبدتها جراء العمليات الإرهابية، ولكنها أصرّت على البقاء والاستمرار في العمل على الرغم من إحجامها بشكل كبير عن تقديم خدماتها ومنتجاتها، ولاسيما أنها وقعت تحت طائلة إيقاف القروض، مثلها مثل المصارف العامة، التي نرى أنها خرجت نوعاً ما من مشكلة إيقاف القروض، وبدأت بمنح بعضها وإن بشكلٍ بطيء لوقوعها تحت تأثير ردّات الفعل الناجمة عن ضياع الكثير من الضمانات التي كانت موجودة في مناطق العمليات الحربية، ونجم عن ذلك أضخم ملف تعرفه المصارف حول القروض المتعثرة الذي طال كثيراً وآن له أن يُغلق، فراحت البنوك الحكومية تتشدّد أكثر بمنحى الضمانات، ولكنها بالنهاية فتحت أبواب القروض، غير أن المصارف الخاصة لا تزال تتحفظ كثيراً على الإقراض، وفي الوقت الذي كانت تتنافس فيه باختراع أنواع القروض والمنتجات سابقاً، وتقوم بحملات ترويج كبيرة لكسب المتعاملين، نرى أنّ سمتها الأكبر اليوم تتمثّل بالتزام الصمت تقريباً، دون أي إيضاحٍ ولا اكتراث، لتفوّت على نفسها في هذه الأثناء فرصة تقديم القروض المضمونة التسديد، التي يترقبها آلاف الشباب الراغبين بإنشاء مشروعاتهم، وينتظرون فرصة التمويل لينطلقوا نحو العمل والإنتاج الذي سيؤدي بالنهاية إلى زيادة انتعاش الاقتصاد الوطني ومن ضمنه البنوك بطبيعة الحال .
لقد تكلّست مفاصل الأبواب المغلقة . وآن الوقت لفكّ هذه العزلة.
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 9-3-2020
الرقم: 17212