الأزمة تفاقم مشكلات 600 ألف منتسب للجمعيات السكنية.. اتحاد التعاون السكني: تسليم أراضي جمعية الفيحاء يؤمن 11 ألف مسكن
ثورة أون لاين – كالعديد من القطاعات الاقتصادية في سورية زادت الظروف الحالية من أزمة القطاع التعاوني السكني مبرزة في الوقت نفسه أهميته وضرورته الملحة في تأمين سكن مناسب للاسر التي فقدت منازلها جراء إعتداءات المجموعات الإرهابية المسلحة في عدد من المحافظات فضلا عن دور هذا القطاع في تأمين آلاف فرص العمل لاسيما وان اكثر من 100 مهنة ترتبط بالقطاع الانشائي السكني.
وبينما مثلت مسألة تأمين الأراضي للجمعيات التعاونية السكنية التحدي الابرز للقطاع التعاوني السكني منذ اكثر من عشر سنوات حيث ما يزال 600 ألف منتسب للجمعيات التعاونية السكنية على مستوى سورية ينتظرون امتلاك مسكن صحي بسعر التكلفة محاط بالخدمات المأخوذة بالاعتبار في مخططات البناء التي بقيت هي الاخرى على الورق بانتظار تأمين الأراضي.
ويوجد 2850 جمعية سكنية يتنوع منتسبوها بين من ينتظر تأمين الأرض وآخرون مخصصون بمساكن لم يتسلموها لوقوع المشروع في منطقة غير آمنة وفئة ثالثة تشاد مساكنها في مناطق آمنة.
وفي حين تعاني الغالبية العظمى من الجمعيات من مشكلة عدم توزيع أراض للبناء تبدو ضاحية الفيحاء في توسع الديماس بدمشق في حال أضل بسبب توافر الأرض بمساحة 150 هكتارا ومع ذلك مازال المشروع معلقا منذ عام 2008 بانتظار حسمه بشكل نهائي حيث يؤكد زياد سكري رئيس الاتحاد العام للتعاون السكني أهمية هذا المشروع نظرا للفوائد الكبيرة التي ستجنيها الدولة ومنتسبو الجمعية والعاملون في مجال البناء والخدمات المرتبطة به في هذا الوقت الحرج بالذات.
ويشير سكري في حديث لسانا إلى أن الجمعيات السكنية في محافظات دمشق وريف دمشق والقنيطرة تضم 200 ألف عضو وبالامكان حل مشكلة المنتسبين منهم إلى مشروع ضاحية الفيحاء التي ستؤمن 11 ألف مسكن في مكان يعد آمنا تماما للعمل فيه موضحا أن المذكرة التي رفعها الاتحاد في 16 أيار الحالي لرئاسة مجلس الوزراء ووزارة الاسكان والتنمية العمرانية حول ضاحية الفيحاء ضمت عددا من المبررات التي تستحق البدء فورا بتوزيع أراضي الضاحية على الجمعيات لمباشرة العمل بالمشروع.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء وافقت عام 2004 على تخصيص قطاع التعاون السكني باراض للضاحية المذكورة وقام اتحاد التعاون السكني باعداد الدراسات وتقدير مدة 32 شهرا حتى تسليم المقاسم السكنية وبالتالي كان يفترض توزيعها خلال حزيران 2008 بحسب سكري الذي يشير إلى قيام الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية بدراسات للمخطط التنظيمي العام وانجاز الدراسات التفصيلية بقيمة بلغت 15 مليون ليرة.
ويؤكد سكري انه بمجرد موافقة رئاسة مجلس الوزراء على تسليم الضاحية لجمعيات التعاون السكني وفتح باب الاكتتاب على المساكن فإن هناك آلاف المكتتبين الجاهزين حالا لتسديد الدفعة الأولى التي لن تقل عن 300 الف ليرة للعضو وبما ان عدد المساكن يبلغ 11 الفا فإن مجموع مبالغ الاكتتاب سيتجاوز 3ر3 مليارات ليرة يمكن فورا ايداعها لدى المصارف الحكومية ما سيعزز سعر صرف الليرة ويدعم تراجع الطلب على العملات الأجنبية لافتا إلى أن بدء تنفيذ المشروع سيفتح جبهات عمل هائلة للآلاف ممن تجمدت أعمالهم حيث ان اشادة المساكن تدخل فيها 103 حرف ومهن في مجالات الصرف الصحي والكهرباء والحدادة ونقل المواد والمقاولات والهندسة وغيرها من القطاعين العام والخاص بحسب نتيجة المناقصات التي يفتح بابها لمنفذي الأعمال.
ويرى رئيس الاتحاد العام للتعاون السكني أن ضاحية الفيحاء يمكن ان تشكل جزءا من الحل الاسعافي الذي تحتاجه سورية في ظل فقدان آلاف الأسر منازلها جراء إعتداءات المجموعات الإرهابية المسلحة إضافة إلى الدراسات الحكومية التي تشير إلى 157 منطقة سكن عشوائي في سورية ثبت مدى خطورتها وافتقارها لمقومات السكن الصحي.
ويوضح سكري أن الحاجات الجديدة للسكن تضاف إلى الحاجة الأساسية قبل الأزمة الراهنة حيث توقعت "دراسات سابقة تجاوز عدد سكان سورية 35 مليون نسمة عام 2035 حيث سيكون ثمة حاجة إلى 5 ملايين مسكن حتى ذلك التاريخ تضاف إلى 500 ألف مسكن اسعافي انعاشي لتأمين منازل للمهجرين في المرحلة الحالية" لافتا إلى أن الاهتمام بهذه المسألة يجب ان يكون عاجلا فوريا لان مراكز الاقامة المؤقتة لا تنفع للاقامة الطويلة.
وحول أهمية القطاع التعاوني السكني في هذا الوقت يؤكد سكري أن هذا القطاع الأهلي يتميز بمشروعاته المضمونة لاعتمادها على مدخرات المنتسبين بدليل انه استطاع في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي اشادة مئات آلاف المساكن والضواحي المميزة في سورية حيث أصبح هذا القطاع معولا عليه لدى محدودي الدخل للحصول على مسكن صحي نظامي بسعر التكلفة الا أن عدم توزيع الأراضي من الدولة طيلة 25 عاما لاسيما في دمشق وريفها رفع اسعار العقارات وأضعف ثقة المواطن بالجمعيات السكنية لعدم تلبية حاجات المنتسبين في المحافظتين.
وبموجب الخطة الخمسية الحالية تم تكليف قطاع التعاون السكني بانجاز 13 بالمئة من خطة انشاء المساكن في مقابل المؤسسة العامة للاسكان المكلفة باشادة 11 بالمئة من هذه المساكن وهو ما يراه سكري صعبا "بسبب عدم توزيع الأراضي على الجمعيات التي باتت تعتمد على شراء الأرض مباشرة ما قد يتخلله شبهة في عملية الشراء في حين تمتلك الدولة مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للبناء وغير الصالحة للزراعة والتي يجب وضع المخططات التنظيمية لها وتنظيمها لصالح اشادة السكن".
ويحذر سكري من الاعتماد على احصائيات المكتب المركزي للاحصاء الصادرة عام 2004 والتي بينت وجود 500 ألف مسكن فارغ كدليل على انتفاء الحاجة لمساكن جديدة معتبرا أن هذا الرقم يدل ببساطة على احتمال امتلاك عدد من المواطنين منزلين أو أكثر يشغلها من وقت لاخر حسب الحاجة إضافة إلى وجود مضاربين عقاريين يمتلكون منازل ويغلقونها إلى حين حدوث طفرة في أسعار البيع ليتاجروا بها فضلا عن المغتربين الذين يشغلون منازلهم في سورية خلال الاجازات فقط.
ويلفت سكري إلى وجود خطوات حكومية ايجابية جارية في هذا الاتجاه مثل إلغاء قانون الاتجار بالأراضي رقم 3 والتعديل الجاري للقانون رقم 5 لعام 1982 الذي يحدد أسس تنظيم الأراضي بحيث يصبح توسيع المخطط التنظيمي منوطا بالبلديات بدلا من كونه مركزيا إضافة إلى الصندوق الذي انشأته الحكومة لاعادة اعمار مناطق السكن العشوائي ورصد 10 مليارات ليرة لهذا الصندوق.
ويحذر سكري من ايلاء الأهمية للتطوير والاستثمار العقاري على حساب القطاع العام والتعاوني مذكرا بأن "هذه السياسة اثرت سلبا على سوق العقارات عندما وصل عدد المطورين العقاريين من دول عربية إلى أكثر من 100 في سورية وتبين انهم سرقوا مئات المليارات دون ان يعمروا شيئا وهم من رفع سعر الأرض من خلال الشراء واعادة البيع لاشخاص وهميين بأضعاف السعر للمتر".
وكانت مذكرة سابقة للاتحاد التعاوني السكني العام الماضي تضمنت مطالب بلحظ مناطق خاصة للتعاون السكني في أي مخططات تنظيمية او توسيعها وانجاز المخططات الضرورية في ضوء التزايد السكاني والتطور الاقتصادي بالمدن والبلدات بما يساعد على انشاء المدن الجديدة والضواحي وتأمين مقاسم الأرض اللازمة لمشروعات الجمعيات من املاك الدولة او الوحدات الإدارية وتخديمها بالمرافق وبالسعر الأدنى للسكن التعاوني وتخصيص الجمعيات بجزء من الأراضي التي تستملك لصالح مؤسسة الاسكان.
ويبين سهيل بصبوص رئيس فرع ريف دمشق لاتحاد التعاون السكني أ مشكلة عدم مساعدة المصرف العقاري في تأمين القروض لأعضاء الجمعيات تضاف إلى مشكلة عدم توفير الأرض اللازمة للمشروع مشيرا إلى أن محافظة ريف دمشق تضم 396 جمعية معظمها لا يعمل في الوقت الحالي.
ويؤكد بصبوص أن وزارة الاسكان والتعمير ارسلت إلى اتحاد ريف دمشق في أيار من العام الماضي وطالبته ببيان حاجة الجمعيات السكنية في المحافظة من المقاسم لدراسة امكانية تخصيصها وفقا للحاجة الفعلية موضحا أن الكتاب أشار إلى استعداد وزارة الادارة المحلية ومحافظة دمشق لتخصيص عقارات لهذا الغرض في برزة بمساحة 97 هكتارا والعسالي 183 هكتارا وجوبر 29 هكتارا ومعربا 414 هكتارا ورغم رد اتحاد الريف ببيان حاجته إلى مساحة تكفي لبناء 10 آلاف شقة سكنية لأعضاء الجمعيات إلا أن أيا من هذه العقارات لم يوزع حتى اليوم.
ويشير عبد الله ابو فرح رئيس مجلس إدارة جمعية الزيتون السكنية بريف دمشق والتي تعمل منذ 25 عاما إلى أن تماس مواقع بعض المشروعات مع مناطق ساخنة جعل التزام العمال صعبا وكذلك نقل المواد لاسيما بعد غلاء الوقود موضحا أن تأمين فروقات الأسعار لمتعهدي المشروعات اصطدم بعدم قدرة جميع أعضاء الجمعية على الحضور وتوفير الدفعات فضلا عن عدم توفر السيولة اساسا لتوقف اعطاء القروض العقارية.
ورغم الصعوبات الراهنة يبقى قطاع التعاون السكني واحدا من أهم الجهات المعول عليها لحل أزمة السكن لاسيما بشعاره "البيت والوطن وجهان لعملة واحدة" وطرحه المبادرات لتخفيف العبء عن الحكومة من باب عدم الركون إلى انتظار نهاية الأزمة بل السير باتجاه المستقبل بما امكن من الخطوات.