ثورة أون لاين- خالد الأشهب: المعارضة السورية المؤتلفة في الدوحة أو المتمجلسة في استنبول أو المستأمنة في القاهرة أو في أي مكان آخر مشتتة وغير متوائمة ولا متفقة .. وكل العالم يعرف ذلك اليوم..
لا سيما رموز هذه المعارضة وشخوصها !! فهل هذا مرض في جسمها أو عاهة في خلقها أو عيب في أخلاقها أو ضعف في بنيانها أو هشاشة في قرارها … ولماذا لا يكون ذلك قوة لها, بل ومصدر ثراء وغنى وتنوع .. على الطريقة السورية في الرأي .. والآراء الأخرى، بدلاً من طريقة الرأي والرأي الآخر اليتيم ؟
ومع أن «الجزيرة» تصف نفسها دائماً، وهي صادقة، أنها منبر الرأي والرأي الآخر، أي الجمهوري والديمقراطي في أميركا، والعمال والمحافظين في بريطانيا، والاشتراكيين والديغوليين في فرنسا والعمل والليكود في إسرائيل .. وحمد بن جبر وحمد بن جاسم في قطر، إلا أنها وغيرها، ومثل وسواس خناس في صدور هؤلاء الناس، لا تتوقف عن تحريض المعارضين السوريين على الوحدة والاصطفاف والتكثيف في رأي واحد دون آخر .. ولدرجة أن «مصداقيتها ومهنيتها وحرفيتها» جعلت من أميرها مرشحا قوياً لنيل جائزة النوبل في الكيمياء، حين نجح، وبأدوات ومفردات « المفكر العربي الكبير»، في تركيب معارض سوري « مسيحي شيوعي سابق» رئيساً لمجلس الإخوان المسلمين .. وحتى دون أن ينطق بالشهادتين .. ثم استعارته على عجل رئيساً وكيلاً لـ « إتلاف « قام الأمير بتقطيره وتخميره وتعتيقه وشرب أنخابه في ثلاث ساعات ..!
ولأن كتيب « تعلم الديمقراطية في خمسة أيام « نفد تماماً من أرصفة «الربيع» العربي، فإن ثمة فرصة ولو قصيرة ومحدودة أمام المعارضين السوريين الملتئمين في استنبول لإعادة تصويب ما حرفوه من منطق الفكر السياسي وممارساته، فإن اتحدوا اليوم كما الدوكما في مواجهة الدولة السورية .. وكما تغرر بهم أميركا وملحقاتها للذهاب إلى جنيف، فإنهم لا يعودون معارضة سياسية تعددية، وبالتالي، سيختلط الشيوعي بالقومي والإسلامي بالعلماني والليبرالي بالوهابي، وستختلط شعاراتهم بسياساتهم بأحذيتهم، ويتحولون إلى حلف ديكتاتوري إقصائي إلغائي .. يهدمون به ويخربون ما لم يهدموه ويخربوه طيلة سنتين، وحينئذ سيعجزون عن التنافس السياسي وعن بناء الدولة والشعب أو حمايتهما .. وحتى عن تخليص لحية ماركس المشتبكة بلحية بن لادن من بينهم وتمشيط كل منها على حدة!
وإن لم يتحدوا، وهذا هو المنطق الفكري والسياسي الصائب لمن يدعي التنوع والغنى الحضاري ويعد بالتعددية والمدنية والديمقراطية وصناديقها، فإنهم لن يذهبوا وفداً واحداً إلى جنيف لـ « التفاوض « وفق تهديدات كيري، بل وفود إلى دمشق للحوار الوطني، وحينئذ يكسبون شرف المعارضة عبر المنافسة، ويظلون, على الأقل، أكثر وفاء لما تقوله أفكارهم وشعاراتهم وخلفياتهم الأيديولوجية قبل التخمير والتعتيق الأميري، وأكثر احتراماً أمام شعب يدعون النضال في سبيله !