أديب مخزوم
من إيجابيات الحجر الصحي المنزلي، أنه شكل فرصة بالنسبة لبعض العاملين في الثقافة والإعلام، لتكثيف العمل، والاستفادة من الوقت الضائع، وإعادة ترتيب وتصنيف الأرشيف، وقراءة العديد من الكتب، التي تراكمت في مكتباتنا على مدى سنوات طويلة .. ولقد رأينا العديد من الفنانين ينشرون على صفحاتهم لوحات مرتبطة بزمن وثقافة الكورونا .. وسوف نرى مستقبلاً أعمالاً أدبية وتلفزيونية وسينمائية ومسرحية وغيرها ، مستمدة من الحياة الصعبة، التي يسشهدها العالم أجمع، في خطواته الوقائية، وعلى غرار الأعمال الأدبية، التي عرفت شهرة واسعة في الماضي، ومن أبرزها: (الحب في زمن الكوليرا ) للكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز .
وعلى الصعيد المحلي في الأحوال العادية لم تغب عن ذاكرتي مسرحية ( الطاعون يعسكر في المدينة ) التي أخرجها رضوان جاموس، وقدمت في السبعينات على بعض مسارح مدينة طرطوس، قكيف تغيب عن ذاكرتي في زمن الكورونا ، لاسيما وأنه أرخى بظلاله على كل سكان الكرة الأرضية، والبشرية تعيش حالة قلق هيستيرية، لم يشهدها التاريخ على مر كل العصور القديمة والحديثة .
والفنان التشكيلي لا يواجه خطر الكورونا بصياغة تقريرية مباشرة، وإنما يتصدى له ، ويعبر عن مرارة المرحلة، بلغة فنية حديثة وخاصة بكل فنان على حدة . وهذا يعني أننا نشهد في سورية والعالم تحولات في تجارب العديد من الفنانين، ليس على صعيد الموضوع فقط، وإنما أيضاً على الصعيد التشكيلي والتقني، ويبرز ذلك في تحولات الخطوط والألوان ، في تجارب فنية تنتمي إلى المدارس الفنية كافة . فالفنان التجريدي مثلاً يمكن أن يتصدى لخطر الفايروس، بألوان مشرقة تدخل البهجة إلى العين والقلب معا ً. وهناك من يعتمد اللمسات العفوية المتتابعة في سياق التشكيل التعبيري أوالرمزي ، والتي تتوافق مع الظروف الحياتية الصعبة، إثر الإعلان عن هذا العدد الكبير من المصابين والضحايا .
السابق
التالي