في الوقت الذي كان البعض يتفنن في تحويل الجائحة الوبائية إلى نوع من الدعابة أو” النكتة” سواء بالرسم الكاريكاتيري أو بالتعليقات اللاذعة الموسومة بالكوميديا السوداء لتتحول الصفحات الزرقاء إلى مسرح ناطق بكل مايدور خلف الأبواب الموصدة خشية انتشار ذاك الوباء اللعين الذي يحاول التسلل إلى عالمنا، كان على الجانب الآخر فريق هو الأكثر جدية في تحويل هذه المرحلة الصعبة والعزلة القاتلة إلى عالم من الإبداع، عالم من المتعة والفائدة بعيدا عن كل مايمكنه أن يحيل الحياة إلى عدم، أو يفرغها من محتواها الإنساني والإبداعي.
وبعيدا عن قيود العزلة وماتخلفه من المشاعر السلبية، عمدت بعض المبادرات الشخصية والمؤسساتية إلى نحت نفق ولو ضيق للسعادة والفائدة عبر طرحها للعديد من الأنشطة الثقافية التي تساهم في ملء تلك الساعات الطويلة بين جدران ربما تضيق على سكانها وتخرجهم إلى غير المألوف من حياتهم في ظروف استثنائية أكثر مايميزها القلق والتوتروالخوف من المجهول.
برؤية حضارية وصناعة ثقافية جديدة انطلقت تلك الظواهر والمبادرات اللافتة لتسهم في توازن الإنسان النفسي من جهة وإغناء معرفته في مواضيع لصيقة بقلبه ووجدانه من جهة أخرى.
وقد تنوعت تلك المبادرات بين المشاهدات البصرية كعروض الأفلام السينمائية سعيا لنشر الثقافة السينمائية وحرصا على التواصل مع محبي الفن السابع، أو تحميل بعض الكتب والموسوعات إليكترونيا أمام القراء والمهتمين بالشأن الثقافي، وكان للهيئة العامة السورية للكتاب قصب السبق في ذلك، هذا وكان للطفل حصته من المبادرات، فقد استخدمت مجلة أسامة صفحاتها لدعوة الأطفال للتواصل والتفاعل والقراءة، وكذا كانت مبادرة مجلة شامة.
هذا إلى جانب المبادرات الشخصية وليس آخرها إطلاق جائزة أفضل رواية تتحدث عن التكافل الإنساني وتعزيز ثقافة المحبة في الظروف الصعبة، أطلقها د. محمد الحوراني، ومبادرة فنية أطلقتها الفنانة التشكيلية سارة حاتم لشباب أرادوا التعبير عن مسؤوليتهم في نشر الوعي للتصدي لفيروس” كورونا” وتكريس رسالة الفن الإنسانية والجمالية لخدمة المجتمع.
هي ثقافة الحياة تعلمنا كيف نواجه الصعاب وكيف ندير أزماتنا وكيف نجعل الوعي سلاحنا الأمضى.
رؤية- فاتن أحمد دعبول