بكثير من الموضوعية، والدقّة، والصدق في التوجهات، أشار السيد الرئيس بشار الأسد عدة مرات، وفي مناسبات عديدة إلى أنّ المواطن هو البوصلة..
فعند تشكيل الحكومة في نيسان 2011 اجتمع السيد الرئيس مع أعضائها، وقال بصريح العبارة: «المواطن هو البوصلة والمهم أن نكون في خدمته ومـن دون هذه الخدمة لا مبرر لوجود أي منّا».
وفي العام التالي / 2012 / كرّر السيد الرئيس هذه العبارة أمام مجلس الشعب أيضاً عند افتتاح الدور التشريعي الأول، معتبراً أن نجاح المسؤول في أي سلطة سواء كانت تشريعية أم تنفيذية مرتبط بشكل مباشر وله صلة وثيقة بعلاقته مع المواطن وقدرته على التفاعل مع هذه العلاقة وقدرته على استخلاص الأفكار والخطط والرؤى المنبثقة من طموحات وطروحات المواطن وحاجته لحياة أفضل، فلا بُدّ أن يكون رأي المواطن هو البوصلة التي نسترشد بها.
وهذه العبارة أوردها الرئيس الأسد بمناسبات أخرى أيضاً، ومنذ أن أوردها أول مرة لفتت العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، ولاحظنا أنّ بعضها رفع هذه المقولة كشعار معتبرين أنهم بذلك قد حدّدوا الاتجاه الذي أشارت إليه البوصلة، ولكن على الأرض لا أعتقد أن الأمر كان كذلك.
لا بأس.. نحن سنفترض حسن النية، بأن بعض الجهات رفعت هذه المقولة كشعار على نيّة التنفيذ فعلاً، وفي الواقع فإن التنفيذ بات مُلزماً للجميع، فالسيد رئيس الجمهورية يمتلك سلطات تنفيذية وسلطات تشريعية أيضاً، ولذلك فإن احترامنا لأقواله والأخذ بها يأتي من منحى قانوني أيضاً وليس فقط من قبيل الاحترام وآداب التعاطي مع الرئيس.
أمام هذا المفهوم للبوصلة التي عناها السيد رئيس الجمهورية، نسأل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بكل هدوء وموضوعية إن كانت قادرة على تحديد النسبة بين اتجاهات الأسواق التي هي مسؤولة عنها واتجاهات المواطن، ومدى انسجام ومواكبة الأسواق له كبوصلة..؟
المشاهد اليومية تروي بأن الانسجام ليس معدوماً فقط بل هو متناقض تماماً.. مؤشر البوصلة في اتجاه، ومؤشر السوق في اتجاه مغاير آخر .. فما الحل ..؟!
نحن نرى أن وزارة التجارة الداخلية لا بدّ وأن تفعل شيئاً مميزاً وحتى خارقاً كي تتمكّن من حَرفِ اتجاه السوق، ولو بالقوة هذه المرة، حتى يستقيم مع البوصلة، لأن فحش التباعد بين المؤشرين لم يعُد يُحلّ على مبدأ المراوحة بالمكان والكلمة الطيبة.. وصار لا بدّ من البحث عن مبرر وجود الوزارة بانقلابها على السوق بكل عزيمة وقوة.
على الملأ -علي محمود جديد