بالرغم من أن اسم فريد الأطرش كملحن يسبق اسم محمد القصبجي ورياض السنباطي، في مقدمة فيلم “غرام وانتقام” وبالرغم من أن أشهر أغاني أسمهان وأكثرها قدرة على البقاء والتجدد والاستمرار والخلود، هي التي لحنها لها شقيقها وأستاذها الأول فريد الأطرش، وخاصة أغنية “ليالي الأنس” التي أدتها في الفيلم نفسه عام ١٩٤٤، فإن الأكثرية لا يشيرون، في سياق الحديث عنها، إلى دوره الحيوي والأساسي، في مسيرتها الفنية، وهذا جانب من جوانب الظلم والاضطهاد، الذي تعرض له، وتحدثت عنه الصحافة الفنية كثيراً، أثناء حياته وبعدها، مع العلم أنه هو الذي أطلقها في فيلمهما المشترك الوحيد “انتصار الشباب” وكل أغانيها في الفيلم من ألحانه، وكان فكتور سحاب، قد وضعها في كتابه “السبعة الكبار” وغيب أو استبعد فريد الأطرش، صانع مجدها، ويزداد هذا الشعور حين نجد البعض يقولون إن أسمهان واحدة من اثنتين، ويقصدون بالأولى أم كلثوم ، ويتجاهلون أن فريد الأطرش، إلى جانب محمد عبد الوهاب هو أيضاً واحد من اثنين، لأنهما كانا يلحنان ويؤديان، أما البقية فكانوا إما مطربات ومطربين مثل: أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، أو ملحنين مثل رياض السنباطي ومحمد الموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل وغيرهم.
والأهم من كل ذلك أن فريد الأطرش هو الوحيد من بين كل الموسيقيين والمطربين العرب، المعترف به دولياً، بدليل أن منظمة اليونيسكو الدولية، جعلته شخصية عام 2015 إلى جانب المطرب الأميركي فرانك سيناترا، والمطربة الفرنسية أديث بياف. وكانت منظمة اليونيسكو قد أصدرت لائحة باقتباسات محمد عبد الوهاب، والمفارقة أن الأخوة سحاب يبررون لعبد الوهاب اقتباساته الكثيرة، ويتهمون فريد الأطرش عن غير حق، فقط لأنه استعان بمعزوفة أستورياس الإسبانية، رغم أن فريد يقول في أحد حواراته، إنه أعجب بهذه المقطوعة، التي وضعها اسحق البينيز للجيتار والبيانو، وقدمها هو بطريقة مختلفة على أوتار عوده الساحر، وذلك بإخضاعه النغمة الغربية للشرقية، حيث استساغتها الأذن العربية، وأثارت مشاعر الملايين، بعد أن جعل آلة العود لغة إحساس الجمهور العربي.
رؤية – أديب مخزوم