كثيرة هي الدول الغربية التي تدعي التقدم والحضارة والإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان في كافة أنحاء المعمورة، وكثيرة هي الدول التي تتشدق بمبادئ الحرية والعدالة، ولكن أثناء التطبيق على أرض الواقع نجدها قمة في الانحطاط والتبعية العمياء لسياسات أميركا العدوانية، وليس لأجل هدف معين بل فقط من أجل إرضاء سيدها الأميركي.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره الرغبة بشيطنة الغرب أو اتهامه بما ليس فيه، بل هو حقيقة دامغة تثبت الحقائق اليومية صحته، ومن هذه الحقائق قيام الحكومة الهولندية بهذا الدور الرخيص، وتقديمها الخدمات المجانية للولايات المتحدة ورئيسها الساعي لولاية رئاسية جديدة دونالد ترامب، لتثبت هذه الحكومة التابعة أنها مجرد أداة صغيرة تستخدمها واشنطن وقتما تشاء.
فهولندا، التي يفترض بها أن تكون حكومتها حيادية على خلفية احتضانها على أراضيها لمؤسسات دولية ترفع شعارات العدالة الدولية والحرية، ذهبت بالاتجاه المعاكس، وباتت تصوب سهامها نحو سورية، وتتاجر بحقوق الإنسان فيها لأن واشنطن طلبت منها ذلك، وتناست أنها آخر من يحق له الحديث عن حقوق الإنسان بعد فضيحتها أمام شعبها بدعم تنظيمات إرهابية في سورية، وإقرار مسؤوليها بالصوت والصورة عن دور حكومة بلادهم بدعم إرهابيين هولنديين وتجنيدهم وإرسالهم للقتال وممارسة القتل في سورية.
وكي تقدم فروض الطاعة العمياء للإدارة الأميركية العدوانية فإنها حاولت استهداف سورية من خلال استخدام محكمة العدل الدولية لخدمة الأجندات السياسية لسيدها ترامب، ومحاولة استعمال المحكمة منصة للقفز فوق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وذلك في انتهاك فاضح لتعهداتها والتزاماتها كدولة المقر لهذه المنظمة الدولية ونظامها.
المفارقة المثيرة للسخرية أن خطوة هولندا العدوانية تحمل البصمات التضليلية الأميركية ذاتها، فالدعوى القضائية التي تقدمت بها هذه الأداة الأميركية ضد سورية تحمل تلفيقات جديدة ومكررة واتهامات باطلة حول الوضع الإنساني سبق وأن كررتها واشنطن مراراً في مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي وثبت بطلانها بالأدلة والوثائق.
هو الاستهداف عينه والأساليب ذاتها التي جربتها واشنطن في مجلس حقوق الإنسان ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن الدولي لكنه اليوم على لسان دول تزعم أنها حرة كهولندا، حيث استعملتها واشنطن كي تشوه سمعة سورية وتتخذ من القضية منصة جديدة للعدوان عليها أو الضغط عليها للقبول بإملاءاتها وشروطها وشروط الكيان الإسرائيلي لطي صفحة الصراع العربي الصهيوني دون إعادة الحقوق العربية إلى أصحابها، دون أن يدرك أقطاب منظومة العدوان وعلى رأسهم أميركا أن سياساتهم الإرهابية هذه وحصارهم للسوريين لن تنفعهم ولن تحقق أجنداتهم المشبوهة.
نبض الحدث- بقلم مدير التحرير أحمد حمادة