منظومة الحياة منذ الخليقة الأولى هي في دورة الولادة والموت، تموت نفوس لتولد أرواح وما بين ولادة المرء ووفاته، دورة حياة يرسمها، بمساهمة البيئة والأسرة وأناس كثر في المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها، ومراكز العمل وما تضم كلها مؤثرات تسهم في تكوين شخصيته، فذو خلق قويم أو سفيه وطني أو خائن.
لو كنا كأبناء بيت الجدة العظيمة، لما هلك من هلك، ولما انحرف من انحرف، بذرائع واهية، ومصطلحات تختبئ خلفها أنفس إما مكلومة، أو مغتاظة من الغير المترف الذي يهدر المال في غير مكانه والآخر الذي يسلبه من فم الجياع، كروش تكبر وأخرى تتضور، مظاهر فارهة مجللة بأساليب تزرع الحقد في عيون رائيها.
آه ما أجمل خصالك أيتها الجدة، وما أكرم ما زرعت، فأثمر يانعاً طيباً حلالاً، أين منك أمة وضعت الرسن في يد آثمة ما جعلها تنقاد إلى حيث لا تريد أو تريد بغبائها خوفاً على كرسي مهزوز، ليس بعده إلا حفنة من تراب، تذرّ على العيون المقفلة، التي ظنت أنها بعيدة المنال لا يداهمها الموت والحقيقة لا يشبعها إلا التراب.
عندما يتولى السفهاء مقاليد الأمور، مناصب فضفاضة عليهم لم يحلموا بها وهم الحاقدون أصلاً، المغتاظون من ذوي الشرف والعفة، والنسب الأصيل يرون في ذاتهم المتورمة دونيتهم التي يحاولون طمسها حين يتحكمون برقاب العباد وشؤون العامة فيذلون الشرفاء ويهمشون الأذكياء، ويهينون العامة بعقدة النقص والدونية.
تجدهم يجتهدون في إذلال الرعية، وظلم الأبرياء، وتسفيه العلماء، والدوس بأحذيتهم على ظهور أصحاب الرفعة والخلق الأَلِقْ فإن تولوا القضاء ظلموا الأبرياء حتى الثمالة، بعد كأس الفجور الذي يحتسون وإن قادوا الجنود اختبؤوا خلفهم في آخر الصفوف، وتركوهم يواجهون أقدارهم، حتى لو ارتموا في التهلكة عروش مهزوزة.
هل سيستفيق من سلبت داره، وأحرق زرعه، ونهب محصوله، هل سيستفيق كل الفلسطينين داخلاً وخارجاً، ليؤكدوا أن الكفاح المسلح وحده قادر على إجهاض هيمنة الكيان الغاصب على دويلات باعتهم في سوق النخاسة والثمن موت فلسطين؟
هل لهم أن يحفظوا بقايا ماء الوجه في آخر الزمان، زمان أصبح فيه العهر بكل أشكاله السمة الغالبة يتباهى بها الفجار على كل المستويات غيرعابئين بلهاث الساعين لالتقاط لقمة العيش، والصارخين لأجل الكرامة والمقاتلين لحفظ السيادة.
طوبى لتراب ضمك أيتها الجدة العظيمة لله حكمة في غيابك، فأنت التي كانت لتذرف من عيونها التَعِبَة، عبر زمن الترمل والعمل آخر ما في مآقيها مما تراه اليوم وتسمعه، ما اصطف أبعد من القانون والحق والعدالة من حثالة اللاإنسانية هنيئاً لتربك يا دمشق وهو يضم الطاهرة القديسة نعدك أننا سنحسم الخيارات فنحن مازلنا نمتلك الأدوات والإمكانات، والقدرات، والأمل مرهون بنوايا أهلنا في ديارهم.
وعداً لن نقبل بالموت الرحيم، الذي يريدون بنا الوصول إليه فنحن أقوى من الحصار والهزائم التي يحلمون مردودة إليهم فكل أوراقهم محروقة بنار صبرنا ورياح اشتياقنا لتحرير أرضنا فلن تنفعهم مكائد الكيماوي، ولا تهديد النووي، لأن الحق لابد منتصر وإن كان للباطل جولة.. حتماً تتبعها ( زولة) بإعجاز الصبر تلك هي منظومة الحياة على وجه البسيطة، كر وفر، وفي النهاية الحق ينتصر.
إضاءات – شهناز صبحي فاكوش