الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
العنصرية بمفهومها المباشر وغير المباشر لطالما شكلت أكبر تحد يعصف بالمجتمعات الغربية منذ نشأتها حتى يومنا الحالي، حيث شكلت على مدى عشرات السنين العنوان الرئيسي للتعامل القمعي نتيجة تراكمات التطرف العنصري المعمول به بين فئات المجتمع الغربي وألوانه، على عكس ما تجاهر به وتزعمه تلك الدول عن مفاهيم الديمقراطية والإنسانية.
في الغرب بشكل عام وفرنسا بشكل خاص تتغذى العنصرية على مفردات و أنماط من صنع الحكومات هناك، حيث تقوم على التصنيف العنصري للطبقات بين الناس من خلال رفع وتيرة القمع المبني على أسس التمييز العنصري وفق تسميات ثقافية وعرقية معينة تعتبر غير قابلة للتغيير، وترتكز بالأساس على أحكام متطرفة، وهذا ما زرع الكره في نفوس الفرنسيين تجاه الشرطة التي تتفنن بقمعهم في كل مرة يحتجون خلالها على سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل بلدهم، والتي تفرزها السياسات الهوجاء لحكوماتهم.
حيث تشهد باريس والمدن الفرنسية بين الحين والآخر مظاهرات ضخمة ضد العنصرية المعمول بها في فرنسا، والتي تترجمها الشرطة بممارساتها القمعية على الأرض، وهذا بدا واضحا خلال قمع احتجاجات “السترات الصفراء” مؤخرا، وهذه الممارسات القمعية تحاكي عنصرية وحشية الشرطة في أميركا، ومراكز الشرطة في باريس والسجون داخلها شاهد آخر على ما يجري ويمارس من عنصرية.
حوالي أربعين شخصاً هاجموا ليل السبت الأحد مركزاً للشرطة يقع في ضاحية باريس الجنوبية بمقذوفات تُسمى “مفرقعات هاون” من دون التسبب بسقوط جرحى، وهذا دليل على أن الفرنسيين قد ضاقوا ذرعا من ممارسات الشرطة بحقهم.
ووفق ما أفاد مصدر في الشرطة تسبب الهجوم بأضرار في عدة سيارات تابعة للشرطة وكذلك في باب المدخل الزجاجي في المركز الواقع في وسط مدينة شامبانيي-سور-مارن في ضاحية باريس الجنوبية. وقالت مديرية شرطة باريس إنه عُثر على ثمان من المقذوفات على مقربة من المركز.
وتعرّض مركز الشرطة هذا مرات عدة لهجمات من هذا النوع، خصوصاً في نيسان الماضي خلال فترة العزل المفروض لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجدّ وكذلك في العام 2018.
ويأتي هذا الهجوم بعد بضعة أيام من هجوم بالرصاص استهدف شرطيين اثنين كانا يرتديان لباساً مدنياً في المنطقة الباريسية وعلى خلفية خضوع الشرطة الفرنسية لضغوط.
الهجمات التي تستهدف بين الحين والآخر مراكز للشرطة الفرنسية، هي انعكاس واضح لمعاناة الفرنسيين جراء عنصرية الشرطة تجاه العديد من فئات المجتمع الفرنسي، حيث المعروف أن هناك موجة من العداء المتزايد تكنها السلطات الفرنسية تجاه من تسميهم بالأقليات، وقد أكدت استطلاعات للرأي أجريت عدة مرات أن أكثر من 40% من الأقليات العرقية في فرنسا هم ضحايا للسلوك العنصري