في فهمه وتفسيره العلاقة المتلاحمة والمترابطة بين حدّي الثنائية (سؤال- جواب) يرى الكاتب والمنظر الأدبي موريس بلانشو أن “السؤال هو الكلام الذي يكتمل عندما يُفصح عن نقصه وعدم اكتماله”..
الاكتمال عن طريق النقص.. مفارقة لافتة.
هل يعني ذلك أن جمالية السؤال وقوته تنحصر بأن يبقى لغزاً معلّقاً دون جواب..؟!
أي سؤال، مهما كان بسيطاً أم معقداً، حين تتم الإجابة عنه بـ(نعم أو لا) فإن هذه الإجابة وفق رأي بلانشو “تحرمنا غنى الإمكانية وثراءها” ولهذا كان الجواب “شقاء السؤال”.
وكأنما بتحديد تلك الإمكانية وتقليص آفاقها، تتمّ عرقلة حركة السؤال وما يفتحه في الذهن من علامات استفهام متشعبة.
“السؤال حركة” بين أفكار المرء المتشابهة أو المتناقضة.. بين أفكاره التي تتوالد بحركة غير منتهية.. تتصاعد حيناً.. وتهادن حيناً آخر.. لتعود أكثر حركة وديناميكية.
السؤال خزّان لحركة غير مضبوطة من سعير الأفكار..
هل يصل الأمر بذاك التصاعد المتفجّر إلى أن يطرق باب القلق..؟؟
وإن يكن ذلك..
فتناسل الأفكار وتساؤلاتها يُفترض به أن يصل إلى نوع من “قلق مرادف للفرح بالوجود” كما يرى البعض في معنى القلق وليس العكس.
المشكلة تكمن بسحب كل ذلك إلى ظلال الواقع..
فالسؤال كتمرين فكري.. يختلف عن السؤال بلبوسه الواقعي الحياتي.
نحن العالقون بدوامة “الآن وهنا” نتفنن بتحويل كل تساؤلاتنا/أسئلتنا إلى أزياء يومية نرتديها فجر كل جنونٍ جديد..
ويبدو أننا اعتدنا “اللاجواب”. نقارب بين أسئلة تمارين فكرية وعلامات استفهام كبيرة واقعية.. استفهامات ضخمة لدرجة لن يسدّ أي جواب ثغراتها..
واقعياً..لا تصح مفارقة “الاكتمال عن طريق النقص”.. فالنقص لا يجرّ إلا النقص..
ونواقص استفهاماتنا تضخمت حدود الانفجار.. وأسئلتنا تطرق أبواب القلق من كل جهات العيش، وتضيع أي فرصة لجعله مرادفاً حينها للفرح.
احتمالية القلق تزداد اطّراداً مع زيادة متوالية الأسئلة غير المضبوطة واللا محدودة.
رؤية – لميس علي