يبدو ترامب أكثر الرؤساء الأميركيين قدرة على الظهور من دون مساحيق تجميل، فقد تخلى عن أدوات التجميل كلها دون خوف أو مواربة أو خجل من أحد وكأنه يقول بصوت عال مدجج بكل ما تملكه واشنطن من سطوة السلاح والمال والإعلام: هذه صورتنا الحقيقية وعلى العالم قبولها، والعمل على تنفيذها، بل وإبداء الرغبة الكاملة للسير فيما (نومي به) ليس طلباً إنما بالإشارات والمومى.
ترامب الذي ينسل من عالم المال والاستثمار وأكل اليابس والأخضر كما نقول يجسد فلسفة أميركية قامت ونشأت عليها أميركا، وهي سر بقائها هكذا: القوي يأكل الضعيف والمال سيد الموقف وكل غاية تبرر الوسيلة، لهذا هو متصالح مع نفسه ليس من باب الرضى العملي وراحة البال، لا إنما لأنه فعلا يجسد هذه الفلسفة التي ترى العالم مجرد بقعة جغرافية لخدمتها والأمر ليس إلا مسألة وقت لاستهلاكه كله.
وما يصدر عن الكونغرس الأميركي من قوانين مستبدة، ظالمة قسرية يدل على هذا، فهل يعقل أن يعمل أي مصدر تشريعي في العالم على فرض ما يصدره على العالم كله؟
للشعوب كرامتها وسيادتها التي لا تتخلى عنها، قد يمضي البعض في ركب الحماقات الأميركية بسبب الخوف أو التبعية وغيرهما من العوامل، لكن ذلك لا يعني أن الجميع سيكونون طوع ما يريده العم سام الذي لا يرى إلا لغة السلاح أداة لتنفيذ مصالحه، حتى ديمقراطيته التي يتغنى بها- وهي الكذبة الكبرى- تتكشف آخر خيوط سترها وتتمزق جهات متطرفة كثيرة تعلن أنها ستكون موجودة بقوة السلاح أثناء سير الانتخابات الأميركية، فيما يبدو المشهد قابلاً للتصعيد ولا أحد يدري إلى أين يمكن أن يصل الأمر، بقوة السلاح يريد ترامب أن تكون الانتخابات ومن ثم يتبجح إنها الديمقراطية، أميركا المستبدة حتى على نفسها ليست بعيدة كثيراً عن شفير الهاوية.
من نبض الحدث-بقلم أمين التحرير- ديب علي حسن