الثورة أون لاين-هفاف ميهوب:
لأن الثقافة وحدها هي القادرة على خلق ذات إنسانية عاقلة وراقية وواعية، ولأننا نحتاج لأن نضيء بها عقولنا وحياتنا ومجتمعنا ولاسيما في هذا الزمن الذي تفاقمت فيه وانتشرت، الأفكار الجاهلة والهدامة والظلامية..
لأن الثقافة كذلك، كان من المهم والضروري أن تتضافر جهود جميع المعنيين ولاسيما الأدباء والباحثين والمثقفين، ولأداء هذا الدور الذي يستفزّنا غيابه، ونأمل عودته وتمكنه من إعادة بناء مجتمعنا وإضاءة عقول أبنائه.
نأمل ونحن نسأل. نسأل بعض الكتاب والباحثين: هل لازالت الثقافة والمعرفة ذات جدوى وأهمية، بل من الضروريات الملحة للإبقاء على إشعاعات النور المنبثقة من الأرض السورية؟!!..
سنان حسن: شاعر ومحاضر بالفن المعماري
“جوهر مشكلتنا ثقافي.. ولا يُبنى الإنسان إلا بالتنوير”
باختصار.. لدي مشكلة “بالمعنى المجازي للكلمة” مع السؤال بحد ذاته، من حيث ما ينطوي وينضوي عليه من تشكيك بالجدوى، وبالتالي من حيث اعتبار الثقافة والتنوير والنهضة الثقافية، ترفاً نخبوياً من جهة، وانفصالاً عن الواقع من جهة ثانية، وبالتالي عدم اعتبارها أولوية في الوقت الراهن على أقل تقدير..
في الواقع لا شيء يعلو أو يجب أن يعلو على الثقافة والتعليم، طالما أننا نؤمن أن جوهر مشكلتنا في الأساس هو ثقافي ولا يمكن الرد على الظلامية إلا بالتنوير، وعلى الجهل والتجهيل والتضليل إلا بنقيضها، وعلى الانحطاط إلا بالنهضة، وطالما أننا صادقون مع أنفسنا حين نردد بأولوية الإنسان في مشروع إعادة الإعمار، وبضرورة الإعمار في البشر قبل الحجر وإلا فما الذي نقصده تحديداً بهذه العبارة إذا لم نكن نقصد بناءه بالثقافة والتنوير والتعليم؟!!!.
إن ما نوفره على المستوى التكتيكي وفي المدى القصير، من خلال عدم الإنفاق على الثقافة ومتعلقاتها، سيكون كارثياً على المستوى الاستراتيجي وعلى المديين المتوسط والبعيد، إذاً سندفع ثمنه معنوياً ومادياً أضعافا مضاعفة، ولربما أكثر مما دفعنا حتى الآن..
ريما راعي: أديبة وكاتبة
“تحتاج بلادنا اليوم.. إلى مثقفي حياة وأدباء واقع”
الثقافة كما أراها، هي ثقافة التعامل مع الحياة ومع الآخرين. أما قراءة الكتب والمجلدات السميكة، والاطلاع على تاريخ الحضارات، فتلك أمور يمكن تصنيفها تحت بند التنمية الذاتية الخاصة بصاحبها، والتي لا أهمية لها في حال لم تنعكس في شخصيته وسلوكه.
بلادنا تحتاج هكذا «مثقفين» وأمثالهم ممن أسسوا مبادرات غير استعراضية لخدمة الجرحى وأسر الشهداء، وأولئك الذين راحوا يزرعون الغراس في غابات اللاذقية المحترقة، وكرماء الأنفس الذين أعلنوا عن فتح بيوتهم أمام من باتوا بلا مأوى بسبب الحرائق.
نحن اليوم بحاجة إلى مثقفي حياة، شعراء واقع، مسرحييّ إنسانية. نحتاج من يكونون عكازاً لهذه البلاد التي امتلأت بالرضوض والكسور، لكنها مازالت تقاوم وتصر على الحياة.
ثراء الرومي: شاعرة ومترجمة وقاصة
“رغم الصعوبات.. دور الثقافة خلق رؤى مستقبلية”
لاشك أن الوقت الذي نعيشه، هو الوقت الأكثر حرجاً لتفعيل دور الثقافة في إعادة البناء، فالظروف التي أنتجتها الحرب، والأجيال التي خلفتها، تحتاج الكثير لترميم ما تصدع وخلق رؤى جديدة للمستقبل، وإن كان يبدو غائماً وضبابياً..
على ضوء هذا الواقع الأليم، ربما تكون المهمة في غاية الصعوبة في ظل ظروف الحصار وتبعاته، من انهيار اقتصادي وسعي يائس لتحصيل لقمة عيش لا تسد رمق الكثيرين.
لن أغالي إن قلت، إن قدرة الثقافة والتنوير على النهوض بالمجتمع، لا يمكن ان تؤدي دورها الفاعل المناسب إن لم توجد آلية لإنقاذ من بات رغيف الخبز أعز أحلامهم. العبء كبير والمثقف بحق هو الذي يستطيع اجتذاب أجيال ابتليت بكل هذه المعاناة، وبكلِّ هذا الفقر المدقع.. هو الذي يستطيع، تنفيذ مهمة التنوير ولو على نطاق ضيق يتناسب وإمكانيات المرحلة الراهنة.
أحمد محمد إبراهيم: أديب وقاص
“لابد من أرضية مشبعة.. تهبُ المثقف احتياجاته”
تتعدد مجالات الحضارة، وتختلف بتأثيرها على المجتمع، على أني وإن كنت لا أميل لحصرها بمجال دون غيره، إلا أنني لا أنكر ضرورة وأهمية الثقافة في تنوير المجتمع..
لاشك أن الإنسان مخلوق كامل بعقله، ولكن لا بد له من إشباع حاجاته الأساسية، واذا كانت الثقافة هي الحاجة العليا للإنسان، فلا بد له من أرضية مشبعة من الحاجات الأساسية. حتماً، يرى كُثر بأنه لا جدوى من الحديث عن الثقافة على مائدة الأمعاء الخاوية. يرى كُثر بأن التكنولوجيا حولت العالم إلى قرية كونية معزولة ومحاصرة ومظلمة..
نحن ماذا نرى؟… بالتأكيد علينا ألا نرى إلا النور الذي نحتاج لإيقاده، وعن طريق إشباع احتياجات المثقفين والمستنيرين.. عن طريق التمييز بين العارف والرائي فيهم، وبين الذي لا يعرف ولا يرى، إلا أناه الفاسدة والجشعة والمغلقة..