تعكس الكثير من الوقائع التي تشهدها وتعيشها جهاتنا العامة خللاً وترهلاً قانونياً وإدارياً لا يمكن لمنطق أوعقل تقبله والسكوت عنه أو الوقوف بحيادية تجاهه من قبل أي شخص يحب وطنه، فالساكت عن الحق شيطان أخرس في كل زمان ومكان، فكيف إذا كان الزمن هو الزمن الذي نحيا فيه؟ وكيف إذا كان المكان يخص كل واحد فينا كمواطنين وإعلاميين..والخ؟
بين يدي موضوعين ينطبق ما تقدم عليهما.. الأول في جامعة طرطوس والثاني في مجلس مدينة طرطوس، وكل واحد فيهما (يضع العقل بالكف) كما يقول المثل الشعبي، ففي كلية طب الأسنان في جامعة طرطوس تم العام الماضي وهذا العام رصد مبالغ مالية لشراء 15 كرسي تدريب للطلاب، لكن رغم الحاجة الماسة جداً لها ورغم المناشدات الطلابية التي فرضها حرمانهم من التدريب العملي المطلوب عجزت كل الجهات المعنية عن تأمينها على مدى عامين كاملين.
والمؤلم أكثر أن تؤكد عمادة الكلية وفرع الطلبة في كتاب خطي أن جهات عديدة تدخلت وتوسطت لشراء هذه الكراسي وفشلت حتى الآن لأسباب قانونية وإدارية غير موضوعية تتعلق بآلية عمل وزارة الصحة والجهة المعنية بالعقود فيها.. من هذه الجهات لجنة المتابعة الوزارية ووزير التعليم العالي والقيادة السياسية والإدارية للمحافظة ورئيس الجامعة ورئيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية والاتحاد الفرعي وعميد الكلية ونوابه وعدد من المسؤولين الأخرين!
أما الموضوع الثاني فيتعلق بباصات النقل الداخلي في مدينة طرطوس التي يتم توقيفها عن العمل كلياً أو جزئياً رغم الحاجة الماسة لها للحد من آثار أزمة النقل المتفاقمة والتخفيف من آثار رفع أجور سيارات التكسي على المواطن، وسبب هذا التوقيف عدم وجود سوى 21 سائقاً بينما عددها 36 باصاً، وعدم الإمكانية القانونية لتعيين أو تشغيل أي سائق جديد عليها حتى بعقد ثلاثة أشهر، والسبب الثاني لتوقيفها هو قرار رئاسة مجلس الوزراء القاضي بتخفيض مخصصات آليات الجهات العامة من المحروقات حيث تم تشميل هذه الباصات بالتخفيض وبالتالي يتم توقيفها عن العمل منتصف الشهر لانتهاء الكمية المخصصة لكل باص، وهذا الواقع المؤلم لا يزال على حاله رغم عشرات الكتب والمطالبات المرفوعة لدمشق من أجل إعفاء هذه الباصات من تخفيض كمية المازوت لكن دون جدوى حتى الآن!!
نضع هذين النموذجين الفاقعين من النماذج الكثيرة في جهاتنا العامة أمام من يهمه الأمر.. آملين معالجة أسباب ونتائج الخلل القائم بعيداً عن العقول والذهنيات الجامدة والممارسات النمطية القاتلة.
على الملأ – هيثم يحيى محمد