عندما أطلقت الحكومة قبل أربع سنوات حملة واسعة لإعادة مليارات الليرات السورية حق خزينة الدولة الضائع منذ سنوات طويلة جراء تأجير عشرات إن لم نقل مئات العقارات العائدة للدولة بأثمان رخيصة لا تعادل قيمتها الحقيقية ظن الكثيرون أن غلة تلك الحملة ستكون وفيرة وستعود فوائد تحصيلها خيراً على الناس والخدمات المقدمة لهم أو حتى توظيفها في مشاريع تنموية وخدمية، إلا أن العناوين التي رافقت الحملة خاصة على الصعيد الإعلامي فاقت كثيراً النتائج المحققة على الأرض ومع عامل الوقت الذي يستمر المسؤولون باللعب عليه خمدت تلك الأصوات المهللة للحملة وبالتالي ترجم حرفياً المثل القائل ” لم يحصلوا من الجمل إلا أذنه” .
ما تقدم مبرره جملة الأخبار والعناوين الإعلامية التي روج لها مؤخراً عن تمكن وزارة المالية من استرجاع 20 مليار ليرة خلال فترة قريبة من العمل المكثف لجهاز الاستعلام الضريبي الذي نفض غبار الترهل والتراخي والقصور الذي كان سائداً فيه كما وصفه الوزير، ودعم بإدارة جديدة وجهت بصرامة لممارسة مهامها وصلاحياتها التي منحها له القانون وبالنتيجة كانت تلك المليارات القليلة من الكشف فقط عن الأعمال الحقيقية لبعض المكلفين الكبار.
ومع العديد من التصريحات التي أطلقها بعض المسؤولين قبل أيام ووصفت بالجريئة عن كم الفساد الإداري والمالي الذي تجذر في إداراتهم وكانت نتيجته ضياع حقوق وخدمات لم تصل لمستحقيها، نتساءل هنا هل فعلاً تكمن المشكلة والمعضلة في أشخاص بموقع المسؤولية تخلوا عن مسؤولياتهم وواجبهم تجاه بلدهم في أصعب الظروف التي يمر بها؟ أم في نظام عمل إداري ومالي وطرق تكليف لمناصب تفتقد لأدنى مقومات الكفاءة والخبرة والنزاهة؟.
الواقع يفيد بأن اليد الواحدة ومهما كانت متمرسة وخلاقة بممارسة الفساد لن تتمكن من الاستمرار وتحقيق مكاسبها من دون أيد داعمة لها في مراتب وظيفية مختلفة، ومن متخذي القرار بأحيان كثيرة الذين يطوعون القوانين وفقاً لمصالحهم ومصالح أدواتهم المنفذة وهؤلاء اعتادوا عند اشتداد الرياح أو كما هو الحال حالياً مع تلك الحملات المؤقتة تهدئة اللعب لحين إما تطويع المسؤول الجديد أو الاستكانة حتى تمر الموجة.
لذلك إذا لم تتحول حملات مكافحة الفساد والفاسدين والعمل بموجب ومقتضيات القانون سنبقى ندور بنفس الحلقة الفارغة مع فارق هنا يتيح للفاسدين العودة بقوة ووقاحة أكبر.
الكنز – هناء ديب