أرباح لا يتصورها عقل يحققها كل تاجر وصناعي من مبيعاته مستغلاً الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب السوري والذي خلق حالة احتكار وطنية تغيب عنها الجودة وتنقصها المعايير والمواطن مجبر -إن توفرت لديه المقدرة المادية- على الشراء..
ماذا يعني أن يدفع تاجر ضريبة لا تعادل 1/100000 مما يحققه من أرباح.. بل ماذا يعني أن نغلق محلاً لتاجر لمدة أيام ثلاثة مع غرامة لا تتجاوز بضعة آلاف من الليرات وهي ما يدفعه ثمن لمكالماته الخليوية ربما..
لا شك أن دوائر صنع القرار الضريبي والتمويني تعرف وتدرك ما نتحدث عنه هنا، كما تعرف يقيناً أن الالتفاف حول طاولة للبحث في تعريف للتهرب الضريبي والاتفاق على أنه حالة غير صحية وتجب مكافحته هو نوع من الحالة غير الصحية..
فلنتخيل أن وزارة الداخلية تنشئ طاولة يجلس حولها الشرطة مع الجناة للاتفاق على تعريف للجرم وأن الجريمة حالة غير صحيّة.. هي صورة طريفة لأن الجُرم يُكافح ويلقى بالمجرم خلف قضبان السجن، في حين أن التهرب الضريبي جرم يتجاوز في عقابيله كل جرم شخصي أو جنائي لكونه يضرّ بالمجتمع والدولة..
ليست القضية قضية شخصية من المواطن، بل هي قضية حياته وحياة أولاده، والضرائب المترتبة في ذمة شريحتي التجار والصناعيين (بعضهم بالطبع لا كلهم) حق للمواطن عبر الخزينة العامة للدولة، ما يعني أن التشريعات المتضمنة عقوبات التهرب الضريبي يجب تطبيقها لا مناقشتها معاً، أما الأنكى فهو النقاش من الناحية الاجتماعية لا من الناحية المهنية..
إن لم تقدر الدوائر المالية على المتهربين ضريبياً بشكل مباشر (وهو أمر غير ممكن، ولا يُصدّق) فلتبدأ المكافحة من حضنها بتقييم مراقبي الدخل لديها الذين يملكون ناصية القرار الضريبي على الأرض بتماسهم المباشر مع كل مكلّف..
لعل عبقرية هؤلاء المراقبين في “التحصيل” تجعل منهم خبراء يٌستفاد من مواهبهم في الحصول على مبالغ الضريبة وكشف المخفي من أرقام الأعمال والمطارح الضريبية، بحيث توظف مواهب المراقبين في رفد حسابات الخزينة العامة بدل أن تُرفد حسابات أخرى تظهر انعكاساتها في حياة هؤلاء المراقبين وبذخهم..!!
الكنز -مازن جلال خيربك