لم تهدأ التنبيهات والتحذيرات التي تحدثت عن ضرورة معالجة مشكلة الواقع المعيشي وتراجع الدخول بالنظر إلى خطورة النتائج المترتبة على بقائها واستمرارها، وكثيراً ما تمت الإشارة إلى صعوبة معالجة الأمراض الاجتماعية التي ستنجم بالضرورة عن هذا الواقع، وعدم القدرة على ضبطها خاصة عندما تلامس لقمة العيش.
ومع التراخي والإهمال في معالجة أساس المشكلة، وتراجع المؤسسات المعنية عن أخذ دورها المطلوب، بدأنا نلمس زيادة واضحة في عدد الحالات المرضية التي أصابت المجتمع والمتمثلة بوقائع السرقة والنهب والتزوير والتهريب، وبعضها أدى إلى إزهاق أرواح بريئة دفعت ثمن الإهمال وعدم الاكتراث بالواقع المعيشي الذي فرض قتامته على الغالبية العظمى من المواطنين.
ولعل ما يرشح من الدوائر المعنية من حين لآخر، بخصوص حل مشكلة هنا وقضية هناك لا يعدو كونه معالجة للنتائج التي تولدت عن المشكلة الأساسية، كمثل الإجراءات الأخيرة التي تم الإعلان عنها بهدف معالجة مشكلة بيع البعض للمواد المدعومة من خبز ومازوت وغاز، ذلك أن هذا الأمر وإن نجح فهو يعالج مشكلة جزئية ربما تعود مرة ثانية ولكن بشكل جديد إذا لم يتم إنهاء المعضلة التي تسببت بظهور كل تلك المشكلات.
وقد لا نبرر لأحد فعلته أو محاولته الالتفاف على التعليمات والقرارات، لكننا نتحدث هنا عن مشكلة أساسية وهي الحاجة التي دفعت بالكثيرين للبحث عن مصادر دخل، بغض النظر عن الوسيلة، تسد رمق أسرهم وعائلاتهم التي دهمتها الحاجة وبات كل همها تأمين لقمة العيش يوماً بيوم..
اليوم بتنا نشهد غاية واحدة اجتمع عليها المواطنون وهي تأمين لقمة العيش، لكن المفارقة هي اعتماد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة للوصول إليها، وفي هذا ما يدعو لقرع ودق الكثير من النواقيس والأجراس لعلها تنفع في إثارة اهتمام المعنيين..!!
حديث الناس- محمود ديبو