الثورة أون لاين – الهام سلطان:
أيادٍ سورية مفعمة بالنشاط والحيوية، جمعت أطياف الشعب السوري. تشابكت في حارة من حارات دمشق الشعبية. الحارات التي بنيت بعض جدرانها من اللِبنِ، وبُني بعضها الآخر من البلوك، حيث حكايا الزمن الذي رسم عليها الوجع، وأيضاً رسم الأمل.
نعم، هو الزمن من رسم ونحت ولوّن عليها، تاركاً لمحات الفن والفرح والجمال تتعتّق على مداها، وفي أزقتها التي عبّدتها الحرب بالحزن، وحفرت على أخاديدها بلواها التي كانت قد حفرتها أيضاً، على وجوه البشر.
إنه “فن الطريق” وهو مشروع أقيم في “حي التيامنة” ساحة “حوا” خارج سور مدينة دمشق القديمة، والمسجلة باليونسكو. الحي الذي لا يُعتبر أثرياً ولكن موافق عليه رسمياً ومن وجهاء الحي.
الدعوة الجمالية هذه، هي للنحات “مصطفى علي” الذي قام مع مجموعة من الفنانين الشباب، وبعض الأطفال، بهذه التجربة الفنية التي اختار مكانها، ضمن أحد حارات مدينة دمشق الشعبية .
الملتقى ضم ١٦ فناناً، ثمانية فنانين نحاتين يعملون كتل منحوتة خشبية بالطريق، وثمانية فنانين يرسمون على اللوحات والجدران، وقد قام بعض الفنانين بالرسم على بعض الجدران، وهي رسومات بالغرافيك وقابلة للإزالة عن جدران هذا الحي، الذي ترك الزمن فيه أنفاسه المتعبة والهرمة.
ضمَّ الملتقى وبالإضافة إلى هؤلاء الفنانين، مجموعة أطفال بعضهم من الحي وبعضهم من مجموعة قادة المستقبل، وكان وجودهم سبيلاً للتعبير عما في دواخل أطفالنا، ممن يحتاجون لرسم الابتسامة على وجوههم.
هؤلاء الأطفال، استطاعوا أن يحولوا طاقاتهم من اللعب في الأزقة، إلى ممارسة الإبداع. يمسكون بالريشة، ويلونون بألوان الحياة.
أيضاً، احتضن الملتقى المواهب الشابة، التي استطاعت أن ترسم على اللوحات وعلى الجدران، بوح أناملٍ أتعبتها الحرب، فكانت لوحاتهم إبداعية عن حارات دمشق، وبورتريه لوجوه حزينة ومتعبة، وبألوانٍ حارّة وضبابية للوحاتٍ، منها الانطباعي ومنها الواقعي، والسريالي وبحجوم مختلفة.
ومضات الضوء تشرق، في كل لوحة تُرسم، أو منحوتة تُنحت في هذا الحي الذي رسم اشراقاتٍ تولد من رحم الألم. الومضات التي انطلقت إيماناً بدور الفن في التغيير والانطلاق، ليصبح في كل مكان، وليس فقط في الصالات والمراكز الثقافية .
“سنستمر، وسنشرق كل يومٍ من جديد، وفي مكان جديد، وسنزرع الفرح في وجوه أطفالنا، والأمل في عيون شبابنا، وسيكون لنا مع كلّ إشراقة شمس، أمل يتجدد بغدٍ أجمل، وسننظر إلى المستقبل بعينِ النسر، وسنحوِّل كل ذره تراب إلى شمسٍ تليق بسوريتنا”.. إنها رسالة ملتقى “فن الطريق”.
5-1-2021
رقم العدد 1027