نظريات كثيرة يطرحها بعض من يعتقدون بأنفسهم القدرة والخبرة للتحليل الاقتصادي، ولعل ما يؤخذ منها بعين الاعتبار لا يتجاوز حبات المطر في صحراء الربع الخالي.. وهو مبعث الارتياح..
المصيبة الأكبر تكمن في الاعتقاد بأن الوظيفة تجعل من الموظف خبيرا ومحللا اقتصاديا، وهو شأن يتحمّل عقابيله من يأخذ بكلامه، أما أن تكون الوظيفة منبرا لصفّ الكلام غير المجدي، فتلك مصيبة تتحمل عقابيلها وتحمل مسؤولية المحاسبة عليها الجهة التي يمثّلها ذاك الموظف، ولمزيد من الدقة لا بد من القول:
منذ فترة ليست ببعيدة خرج علينا أحد موظفي وزارة الزراعة منظّراً في سعر صفيحة زيت الزيتون، تأسيساً على تكلفتها من قطاف ونقل وعصر وقبلها فلاحة وتسميد وتقليم وغيرها، مع اعتماد كمية ستة عشر كيلو غرام كنموذج معياري للحساب، لينتهي التحليل الفذّ إلى أن كلفة الإنتاج لصفيحة الزيت تكون 56 ألف ليرة ويجب أن تباع بسعر 78 ألف ليرة سورية..!!
ألم يكفِ الفلاح خسارة ما حاق بأرضه وشجره من حرائق أتت على الأخضر واليابس.. وهو من هو في الصبر وانتظار السنتين حتى يتمكن من الحصول على أقل مما يحصل عليه مخمّن محاصيل عن بيارة واحدة..!! أم أن السعر الدقيق والرفق بالمستهلك بات محصوراً في زيت الزيتون، في وقت بات فيه سعر الليتر من زيت القلي ومن أسوأ الانواع أغلى من زيت الزيتون..!!
لربما كان الحديث أكثر منطقية وأكثر قبولاً لدى المستمع لو أنه كان شاملاً لتوليفة من الثمار الزراعية كالتفاح مثلاً الذي لا يستهلك من المال شيئا باعتباره ينبت وينمو في جرد ويشرب من مياه الأمطار والثلوج، ويُباع الكيلو غرام الواحد منه بسعر يقارب سعر كيلو زيت الزيتون إلا قليلاً..!
كلنا يعرف أن الفلاح هو الحلقة الأضعف في كل المعادلات الاقتصادية، واستغلاله يتم بشكل ممنهج من المستجرّ والتاجر والبائع حتى، وليست الحمضيات وحدها خير مثال على ذلك، في وقت كان من المجدي لو تحدث الموظف المذكور عن استغلال وجشع الحلقات التجارية المتعددة بدلا من تشميل حلقات الإنتاج معها بالربح المقرر من جانبه بمقدار 40%!!
الكنز- مازن جلال خيربك