لم يعد من الممكن ترتيب أولويات المواطن اليومية والمعيشية في هذه الظروف الصعبة، فجميع احتياجاته أصبحت أولوية من الخبز إلى الغاز والمازوت والبنزين والكهرباء إلى المواد التموينية (رز، سكر، زيت) وتطول القائمة لتشمل الغذاء اليومي والدواء و..الخ.
وتكمن صعوبة الترتيب هنا بسبب تداخل تلك الأولويات وتزاحمها لتشكل بمجموعها عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن، في وقت تراجعت فيه كل الأدوار عن حسم ومعالجة مكامن الخلل، والتخفيف من وطأة تلك الأزمات المتلاحقة، وتركت الساحة لحفنة من المنتفعين ليعبثوا بحياة المواطنين ومعيشتهم، ويجنون ثروات طائلة من أسواقهم السوداء القاتمة التي صبغت حياة الناس بلونها الداكن.
فمن حين إلى آخر تتكشف قضية فساد هنا وأخرى هناك تؤكد أن جزءاً كبيراً من معاناة المواطنين يعود إلى غياب الضمير وتغليب المصالح الضيقة لهؤلاء الذين استسهلوا غبن المواطن والتحكم بلقمة عشيه وتركه يواجه البرد والصقيع في عز الشتاء.
ولعل السؤال الذي حير الكثيرين وما زال يشغل بال المواطنين، هل فعلاً لم يعد هناك حلول ناجعة لما يواجهونها من مشكلات سببها المباشر والرئيسي هؤلاء الفاسدين؟؟.
وهل توقفت قدرات المعنيين في الجهات المعنية وباتت عاجزة عن اجتراح الحلول لوقف النزيف المستمر؟.. ألم يعد هناك من مبادرات حكومية خلاقة تضع حدوداً وضوابط لهؤلاء المنفلتين من كل القيم والأخلاق، والعابثين بمقدرات الوطن والمواطنين..؟؟.
قد يكون للحصار الجائر والعقوبات أحادية الجانب دور فيما يواجهه الوطن من معاناة حقيقية، لكن الواضح أن البعض اتخذ من هذا الأمر ستاراً ليتمدد ويستغل احتياجات الوطن والمواطنين، ومعتمداً على تراجع دور الجهات المعنية في وضع آليات رادعة لمثل هؤلاء المستغلين..
حديث الناس- محمود ديبو