تصدرت مؤسسات وزارة النفط قائمة المؤسسات الاقتصادية الأكثر إيراداً لخزينة الدولة عن العام الماضي بحسب مدير مديرية المؤسسات في وزارة المالية، فقد تصدرت الشركة السورية للغاز القائمة تلتها المؤسسة العامة للجيولوجيا، هذا المُعطى يطرح سؤالاً عن مصير هذه الإيرادات أولاً، ويعطي توجهاً لسياسات توزيع الموازنة بشقها الاستثماري ثانياً.
بالنسبة للسؤال عن مصير إيرادات الغاز يجب أن يتم التدقيق في آلية صرف هذه الإيرادات، والإجابة تقتضي التوقف عند رقم ديون السورية للغاز على مؤسسة توليد الكهرباء، والتي فافت ثلاث تريليونات بعد إطفاء ما يزيد على 1.5 ترليون منها ويمتد السؤال لمعرفة عائد الكهرباء من هذه المبالغ بعد احتساب مبلغ الدعم لقطاع الكهرباء، حيث تظهر أرقام جباية الكهرباء أرقاماً متدنية في إشارة إلى تقصير واضح في جباية المال العام وارتفاع حجم الفاقد الكهربائي نتيجة الاستجرار غير المشروع للكهرباء من جهة وارتفاع الفاقد الفني من جهة ثانية، الأمر الذي يعني أن العمل على جباية فواتير الكهرباء وتخفيض الفاقد يُمكن أن يشكل مصدر دخل مهم لخزينة الدولة.
أما فيما يخص توجيه سياسات الاستثمار فإن الأمر في غاية الأهمية، فضخ الاستثمارات في قطاعات مُنتجة يُمكن أن يزيد من موارد الخزينة بشكل كبير يتيح لها تمويل تنفيذ المشاريع الخدمية، بمعنى أن تمويل حفر بئر نفطية أو غازية بتكلفة ثلاثة مليارات أهم بكثير من تمويل عشرات المشاريع الخدمية لأن عائد إنتاج هذا البئر في عام واحد يُمكن أن يمول عشرات المشاريع الخدمية، ولذلك يجب تخصيص مبالغ كبيرة من الخزينة لتمويل المشاريع المُنتجة ومهما كان كبيراً المبلغ المطلوب لأنه في المحصلة سيعود بإيرادات كبيرة وبعدة أضعاف ما تم تخصيصه للمشروع.
جباية الأموال العامة أمر في غاية الأهمية وحجم الفارق بين قيمة الوقود المُسلم لمحطات الكهرباء وحجم الأموال المُجباة بعد احتساب قيمة الدعم يُظهر قيمة الأموال المتروكة دون جباية ويُظهر حجم الخلل في هذا الملف المُهمل رغم أهميته.
الحصة الأكبر من الموازنة يجب أن تخصص للوزارات المُنتجة وليس للوزارات الخدمية، لأن الوزارات المنتجة تورد الأموال للخزينة ومن هذه الأموال يتم تمويل المشاريع الخدمية ووزاراتها وهذا مبدأ عمل دول الاقتصاديات القوية.
على الملأ-بقلم مدير التحرير-معد عيسى