“كلّما تألّمتَ أكثر أحببتَ أكثر”..
يردّد كلمات بطل فيلم (القارئ)، على سبيل محاولاته العديدة التي يُمنّي بها نفسه بالكثير مما حلم به من سعادة.
إلى الآن، لا يعلم سبب إصرارها على مشاهدته ذاك الفيلم.. وما الرسالة المبطنة التي أرادت إيصالها اليه من خلاله.
يهدهد ألمه انتظاراً لمسرّةٍ موعودة ومتعة مؤجلة.
“ما أكثرك من قلق”..
أولى عباراته التي اخترق بها مرارة صمته عن حال اللاتوافق التي يحياها مع من يحب..
كيف يقنعها أن لا يقين فيما نختبره من مشاعر..
تريد الوقوف على أرض صلبة.. بينما كل مهاراته تكمن بالسير على أرض متأرجحة وربما رمال متحركة من مشاعر.
باستمرار، يرنّ صدى كلماتها على مسمعه: (لا تنغمس كثيراً في دورانك حول ذاتك.. بعض الأشياء تحتاج شجاعة القدرة على الانفصال عن ذواتنا.. تأمّلها من خارجنا).
كيف يعلّم محبوبته التي ما زالت تخطو أولى خطواتها البكر في أرض الهوى، أن اختبار التجدّد في الحب يعبر من خلال بوابة اللايقين..
أن نحيا لحظتنا وكأنها أبديتنا الألذ والأجمل.. دون عناء البحث عن دفق الاستمرارية..
ثم أي استمرارية واستقرار في ظل الفوضى والجنون الحاصل..؟!
لم يقتنع يوماً بفكرتها عن “الحب الذي يحلق بنا للأعلى” على رأي غوته..
ويلعن كل الأفكار والآراء التي تبنّتها مما قرأته لكثير من الفلاسفة والكتاب..
تضيعه بكثرة تعريفاتها وحججها القوية فيما تقتنع به من تنظير في مفهوم الحب.. قد يكون، كما ذكر أحدهم، هو “الزخم الذي يتحرك حركة تجاه فكرة الجمال” أو الكمال، وفق رأيها..
لوهلة، يبتسم.. يتذكر كيف كانت تشبهه بزوربا اليوناني.. الباحث أبداً عن اقتناص متعته بملء حواسه.. ويبدو أنها تنتشي بلعب دور صديقه المثقف، فأر الكتب..
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل ما تبرع بنثره من مشاعر حيرة تجاهه.. يلمح شيئاً من جمال جاذبية لم يسبق له عيشها مع أحدٍ قبلها.
اختلافها مصدر جذب لاكتشاف أشياء لم يدرك يوماً أنه سيختبرها بطريقة مغايرة لما اعتاد عليه.
ها هو يكسر ميزان عاداته..
يطأ أرض مخاوفها.. ويعلن الابتعاد، ولو قليلاً، عن قناعاته في سبيل خوض مغامرته وفق قانون رغباتها..
رؤية- لميس علي