تعمل أمريكا المتغطرسة التي تحشر أنفها في قضايا العالم كله، معتلية (عرش قيصر) حيث لا قيصر، بل هوعرش العقوبات الاقتصادية، لخنق الاقتصاد الذي يطال كل دولة تغاير مصالحها.. وهي تمعن في امتداد سيل عقوباتها لخنق اقتصاد سورية، وقطعه في شرايين حلفائها، والتضييق عليه في الساحات المجاورة.
علها تصل عبره لقطع الطرق السياسية التي لا توائمها بالمقص الاقتصادي، لفصل مشيمة المقاومة عن الرحم السوري. ولإفراغ الساحة اللبنانية التي أصبحت اقتصادياً مرتعاً للعبثية الأمريكية. ومنها تتسلل لسورية، عبر محاولة حقن الإرهابيين وأسلحتهم من طرف الأراضي التي تحتلها، وكذا تعطيل ماكينة الرقابة الدولية. تتبع حتى النمل لرصد تحركاته وإخضاعه لقانون قيصر.
لبنان والعراق أهداف ارتكازية للتضييق على سورية بقانون قيصر. لكن منظومة العدوان لم تعِ حتى اللحظة أن سورية أصبحت تمتلك المناعة الذاتية، حين حولت فايروس الحصار لقاحاً ضده. بعد تصديها له عشراً من سني الحرب. وها هي تثبت للعالم أجمع أنها قادرة على تجاوز خطورته.
قيصر أمريكا نوع من السلاح ذو الحدين، والمثال أمامك، رحل ترامب ومن سبقه، ورغم حصار إيران ثلاثين عاماً، أصبحت قوة إقليمية، يحسب لها ألف حساب. بينما أميركا تخور قواها بإرث ترامب، وتلملم أشلاء أحزابها، رغم قوة دولتها العميقة التي تهتز بين الفينة والأخرى فهل من سقوط؟؟.
سورية صمدت رغم كل ماعانت، انتصرت عسكرياً والعالم شاهد على النصر. استنجدوا بقانون قيصر لحفظ ماء وجوههم المسفوك في الساحات العسكرية السورية. ذهبوا إلى الساحة اللبنانية يمعنون في محاولة قلب معادلاته الداخلية. تسللوا بالحجة الاقتصادية، يقدمونها على طبق من فضة، لعملاء واشنطن على أرضه، وإحكام اللعبة سياسياً، بتأجيج ساحته، لنشوب الصراع بين المقاومة اللبنانية والمؤسسات الأخرى.
غايتهم ضرب المقاومة لفتح الخاصرة السورية. وفتح الباب لبني صهيون (المحتلين لفلسطين) على مصراعيه لتصفية حسابات ضغينية، عبر سحب سلاح المقاومة إن استطاعوا.. لكن -هيهات منا الذلة- نداء المقامومة اللبنانية الذي يغيظهم. كل التضييق محاولة لمنع الرئة اللبنانية من تنفس الأوكسجين السوري.
قانون قيصر ورقة ضغط على سورية، يفضي لتجويع الشعب السوري، من أجل الرضوخ للتطبيع. لذا يتشددون في الإمعان فيه، واختلاق بنود تضييقية، مرة إثر أخرى. بعد فشل عمليات حرق حقول القمح، واستهداف تعب وعرق الفلاحين لتذروها الرياح مع الشرار المتطاير. وكذا سرقة النفط السوري، وحرق الأشجار الغابية والمثمرة في حقولها، وإعدام أشجار الزيتون. كل ذلك لإركاع الشعب السوري والوصول به للكفر بأيام ضنكة فرضت عليه..
أمريكا والكيان الصهيوني لا يلتفتون لقرارات الأمم المتحدة، أكثر من ستين قرار لصالح الشعب الفلسطيني، لم يعرها المحتل أي اهتمام. عشرات القرارات لصالح الجولان السوري وأهله طويت وصارت خلف الظهر. والآن لا اكتراث لدعوة أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة لتخفيف العقوبات أحادية الجانب على سورية. لأنها فرضت التفافاً على مجلس الأمن.
أمريكا تمارس الضغط للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبعض الحكام يهرولون طواعية للتطبيع دون ضغوط. التطبيع بعيد عن حياة الشعوب رغم قرارالحكومات.. لأنه في المفهوم القومي تكريس لاغتصاب الصهاينة لفلسطين وتمدده. ها هي مصر حتى اللحظة شعبها لا يطيق وجود الصهيوني على أرضه ولا التعامل معه.
ولأن المحاولات السياسية لا تؤدي غايتها مع الشعب العربي، يمعن المقص الاقتصادي في تكريس الضائقة الاقتصادية على سورية وغيرها. لكن ستنتهي قصاصاتهم إلى خطوة متقدمة، في توحيد الأمة العربية شعباً وليس حكومات، لمواجهة الصهيوني بوسائل شتى، والدلالة الأكبر انعقاد مؤتمر متحدون ضد التطبيع. الذي انعقد بين أحرار ومناضلي أكثر من خمسمائة شخصية من الأقطار العربية كافة. ولم يمنعهم خبث فايروس كورونا المصنع من التئامهم حول مناهضة التطبيع، إيماناً منهم بأن هذا الكيان عابر للزمن ليس إلا..
إضاءات – شهناز صبحي فاكوش