على خطا بوش وأوباما وترامب العدائية – ولكل أسلوبه الفظ – يحاول الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن استعراض مخالبه في المنطقة بالعدوان، دونما استخلاص أي دروس أو عبر من سلسلة الفشل التي منيت بها سياسات أسلافه، وذلك على عكس ما أوحت به خطاباته الأولى من (تعقل) يعلن القطيعة مع حماقات ترامب، فالبلطجة والعدوان والغطرسة أصبحت عناصر أصيلة في السلوك الأميركي أياً كانت الإدارة، جمهورية أم ديمقراطية، وأياً كان ساكن البيت الأبيض أبيضاً أو ملوناً، إذ لا يليق بالأميركيين ارتداء قفازات أو أقنعة حريرية طالما أنها عاجزة عن إخفاء المخالب والأنياب..!
فمنذ غزو واحتلال العراق عام 2003 وواشنطن تحاول تبرير همجية حربها الوحشية وأفعالها العدوانية في المنطقة بقيم إنسانية مزعومة، وتربط وجودها بمحاربة الإرهاب الذي صنعته باعتراف مسؤوليها، وتتصرف كما لو أنها صاحبة الشأن والقرار بعيداً عن إرادة شعوبنا الحرة وحقها في الحياة، وخلافاً للشرعية والأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي أغرق المنطقة بالدمار والعنف والفوضى والإرهاب والأزمات، دون أن تدرك – وهي لا تريد أن تفعل أصلاً – أن وجودها غير الشرعي وغير القانوني وتدخلها الدائم في شؤون المنطقة هو أساس المشكلات والأزمات والإرهاب.
وها هو بايدن أيضاً لا يريد أن يرى إلا من خلال العين الصهيونية صاحبة المصلحة بالتصعيد والتوتر وسفك الدماء، ما يفسر العدوان الأميركي الأخير على سورية، والذي لا يمكن تبريره إلا بالسعي لتفجير الأوضاع وإعطاء جرعة معنوية للجماعات الإرهابية وإرضاء (الكيان الصهيوني) وإنقاذ فلول داعش المنهارة، في استباق لمساعي الجيش العربي السوري وحلفائه تنظيف البادية السورية، من عصابات داعش المحمية أميركياً ومنعها من تكرار اعتداءاتها الإرهابية بين الحين والآخر.
بطبيعة الحال، لكل فعل رد فعل يساويه بالقوة – وقد يفوقه – ويعاكسه بالاتجاه، فالعدوان الأميركي الغاشم لن يمر دون انتقام، وأبناء هذه الأرض المقاومة مصممون على تحرير أرضهم، وطرد المعتدين منها ورسم المصير والمستقبل الذي يحلمون به، بعيداً عن إرادة واشنطن وعملائها..!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود