يتفاقم الازدحام على وسائل النقل العام – الحكومية والخاصة، من باصات وميكروباصات بما لا يتلاءم حالياً مع انتشار وباء كورونا، لاسيما أن الاستهتار بالقرارات الرسمية التي تنص على حمولة محددة وارتداء الكمامة، لا تنفذ.
نرى الباصات محشوة، تتدلى منها عناقيد على البابين الأمامي والخلفي، وهذا مخيف ومؤهب لحوادث موت مفجعة، وباتت الميكروباصات تتعامل بحالة على الواقف والجلوس على الجنب، وهذا مخالف لتعليمات كورونا، ومناقض لأبسط الشروط الإنسانية، عدا عن التعسف في التعامل مع الركاب وطلب أجور إضافية أو تقليص المسافة ورفع اليد عند المحطة الأساسية وترديد عبارة “مو راجع أو مو طالع” والذريعة صعوبة الحصول على المازوت، وشراء مازوت من السوق السوداء بأسعار خيالية.
وأعتقد أنه لا يجوز ترك الحبل على الغارب، فعلى صعيد الباصات، لم يتم تجديد أسطول القطاع الخاص كماً ونوعاً، منذ دخوله معترك النقل العام، قبل مرحلة الحرب على سورية، كما أن وعود استيراد ألف باص لمصلحة النقل العام الحكومي لم تنفذ، وهذا لا يجوز في ظل غياب قطار الأنفاق (الميترو)، عن مدينة كبرى ذات كثافة سكانية هائلة مثل دمشق.
ثانياً وفيما يتعلق بالميكروباصات، فإن حكومة سابقة سمحت منذ ثلاث سنوات باستيراد ٢٠٠٠ ميكروباص للنقل العام، وكأنها لم تسمح، وأظن أن السر يكمن في ترك هذا القطاع الضخم دون تنظيم، وكلما طرأت مشكلة يتم اللجوء إلى شرطة السير وهم دون بنى تحتية وإمكانات، لا يقوون على التعامل مع آلاف الميكروباصات، ويفشل تدخلهم – مثلما هو حاصل الآن، لجهة الفشل في إجبار الميكروباصات على الالتزام بأداء منضبط سيراً ومالياً.
لقد ظهرت هذه الميكروباصات في سورية (البيضاء ذات الـ ١٢راكباً في العام ١٩٩٠) أي منذ ٣١سنة، ولا تزال حتى الآن متروكة دون جهة تشرف عليها وتنظمها لمصلحتها ولفائدة سائقيها فهم دون تأمينات اجتماعية ولمصلحة الناس ما الذي يمنع أن ينضموا إلى نقابة..؟ توحد كلمتهم وترتب احتياجاتهم…؟
ويبقى الأمر الثالث (السيارات السياحية العامة التاكسي وقد توافر عنها رقم مؤخراً في سياق الحديث عن البطاقة الالكترونية والبنزين (١٠٣ آلاف سيارة) وهو رقم مُلفت وهذه الوسيلة تصب الزيت على نار الازدحام المتفاقم، إذ رفعت الأجور بذريعة الانتظار الطويل للحصول على البنزين، قبل اعتماد الرسالة، وبحجة عدم كفاية الكميات بالسعر المدعوم، حتى بات الطلب من المزة إلى المرجة بخمسة آلاف ليرة ومن دمشق إلى جرمانا ١٥ ألف ليرة… أجور خيالية بالمقارنة مع الرواتب والأجور، ولا يجوز أن يبقى الأمر متروكاً، فهذه الوسيلة قي متناول اليد، يجب توفير الوقود لها قبل السيارات الخاصة، ويجب تخصيص محطات لها لتعبئة البنزين بيسر وتخصيصها بالكميات التي كانت تحصل عليها سابقاً، لتساهم في تخفيف الازدحام لأن استيراد الباصات والميكروباصات الجديدة يحتاج إلى وقت طويل، حتى ولو توافرت الجدية في التعامل مع هذا المرفق المهم.
وأعتقد أن تلك الجدية يجب أن تتوافر لأن الازدحام على وسائل النقل العامة، في دمشق على الأقل، وهي الآن أكثر من نصف سكان سورية (عشرة ملايين نسمة)، يحزننا، ويشوه سلوك كثر بيننا، بالتدافع الفظ والمشاجرات والنشل ولاسيما للموبايلات.
أروقة محلية – ميشيل خياط