الثورة أون لاين- هناء الدويري:
الثوب الذي لُفّت به أجسادهم قبل أن يواروا الثرى علم البلاد، علم وطن وثقوا به فرفعوا راياته نحو السماء التي ترقب عن كثب ماصنعته يدّ الأبطال على مدى قرون، تحصنّت واحتمت النساء والأطفال والآباء بنعش شهدائهم وشهدائها، ومازلنا نحن في هذا الوطن الذي بقي صامدا بفضلهم نحتمي بظلالهم وظلال من بقي على الجبهات…
إشراقات الفرح خبرناها من أهازيج المراثي التي ردّدها الآباء وهم يتسلّمون العلم الذي زيّن نعوش الأبناء، ومن زغاريد الأمهات وصبر الزوجات، والأطفال جوقة فرح تتغنى بعظمة وقداسة الآباء، وجسر عبور وجوده واخضرار عوده منسجم الإيقاع نحو الإعمار والحياة…
هكذا تُبنى الأوطان بنسيج حبّ وسياج عطاء لايمكن إلغاؤه أو القضاء عليه بسهولة، ولايوحي بأنه يمكن أن يتوقف في المدى المنظور… فعزيمة أبناء سورية بعد كل هذه السنوات حقيقة يصعب تغييبها، وبعد كلّ مامارسته قوى الإرهاب من قتل وتدمير، فالجيش السوري صمد ومازال، والأطفال عادوا إلى مدارسهم، والفلاحون يزرعون حقولهم وأراضيهم ويجنون الثمر، والعمال أعادوا بناء معاملهم، وطلاب الجامعات استكملوا امتحاناتهم، ومحطات توليد الطاقة والكهرباء عادت من جديد، والتجار والصناعيون الشرفاء أعادوا عجلة الاقتصاد، وأصحاب القرار نظموا كل القوانين والتشريعات التي تسهم في تطوير عمل المؤسسات والمشافي والمعامل والمصانع وكلّ مايعيد الإعمار والحياة لهذا الوطن الشامخ بأبنائه…
الشهداء الأبرار والأحياء الصامدون مكوّنات سورية الصامدة المنتصرة التي أحبطت استراتيجيات تدمير سورية، وأجهضت المشروع الصهيوأميريكي، ومن لايريد أن يرى بعد كلّ هذه السنوات حفاوة استقبال الآلاف من جنائز ضباط الجيش السوري وجنوده والمدنيين الذين اغتالتهم قذائف الحقد والغدر والإرهاب ودوله الذين لم يتركوا أسلوب قتل وتدمير وضغط وحصار إلّا ومارسوه بحقّ الشعب السوري، إلى كلّ هؤلاء القتلة المجرمين أنتم واهمون ولاتريدون رؤية هذا الصمود وتلك الحفاوة في استقبال شهدائنا والنصب التذكارية والتماثيل لعظماء سورية، وهذا جزء من ردّ الشعب السوري على جرائمكم ومؤامراتكم وإرهابكم…
الدّم السوري لم يضع هدرا فصورة الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية والمقاومة والاقتصادية والسياسية المتمثلة بالانتخابات الرئاسية في هذه الأيام كلّها أثمان لتلك الدماء…
الحياة في سورية لوحة معبّرة تقدّم دروسا في التحدّي والصمود والانتصار والانتماء والكرامة والسيادة وحقوق الإنسان والديمقراطية وحبّ الحياة والعمل والأمل نحو مستقبل سورية

السابق