الثورة أون لاين- عبير محمد:
تحتفل سورية ولبنان في السادس من آيار كل عام بعيد الشهداء الذي كان رمزا للحرية والكفاح ضد قوى الهيمنة الاستعمارية.
في مثل هذا اليوم من أيار من سنة 1916 نفذت السلطات العثمانية حكم الإعدام بحق عدد من الوطنيين السوريين في كل من بيروت ودمشق وكان السبب واهيا.
في عام 1915 قاد جمال باشا السفاح الجيش التركي لعبور قناة السويس من أجل احتلال مصر وهو ما سمي حينها بحرب السفر برلك أو حملة (ترعة السويس الاولى)، وفي شباط 1915 أخترقت القوات العثمانية صحراء سيناء التي كانت حينها تفتقر لطرق مواصلات جيدة فوصلت القوات التركية لمصر منهكة القوى لتحصدها البوارج البريطانية بالقناة حينها ولتفشل تركيا فشلا ذريعا، وتخسر حربها ضد الانكليز، ولم ينج من الجيش التركي إلا القليل..
شعر جمال بفشله لأنه كان السبب الأساسي لفشل تلك الحملة فما كان بوسعه أن يفعله تجاه حقده وغضبه الأعمى إلا أن صب جام غضبه على القيادات العربية العسكرية والمدنية، فعمل على استبدال الكتائب العربية في بلاد الشام بكتائب غالبية جنودها من الأتراك، وفصل الضباط البارزين من وظائفهم وأرسلهم لمناطق بعيدة، وبدأ باعتقال الزعماء الوطنيين والمفكرين العرب وزجهم في السجون وعذبهم حتى الموت.
قام جمال باشا السفاح بإعدام نخبة من المثقفين العرب في كل من سورية ولبنان، ونصب لهم المشانق في كل من ساحة البرج في بيروت والتي سميت بدورها بساحة الشهداء، وساحة المرجة في دمشق.
من يعتقد أن تركيا تستطيع أن تبني علاقة ودية مع العرب وتنسى ماضيها الاستعماري فهو واهم لأن الواقع على الأرض يعيد للأذهان سياسة العثمانيين القديمة فهي تحاول استعادة الماضي وتحاول جاهدة بث الفرقة والفتن بين مكونات الشعب الواحد من أجل استعادة حلمها الاستعماري وخلافتها العثمانية البائدة في الوطن العربي، وتحاول السلطات العثمانية الجديدة اليوم التمدد في الوطن العربي في محاولات حثيثة لاستعادة أمجادها الماضية، كما تحاول التغلغل في ليبيا للسيطرة على شواطئ المتوسط، وعبثا فشلت محاولاتها للتسلل إلى مصر والتأثير على النسيج المصري المتمسك بوحدته.
السادس من أيار هو يوم الاحتفال بملحمة البطولة والمجد، يوم علقت رؤوس الوطنيين والمفكرين على مشانق العثمانيين الذين لم يستطيعوا أن يصمدوا طويلا في بلادنا، فرحل السفاح وبقيت ذكرى الشهداء منارة وشعلة لأطفال سورية وستبقى تلك الملحمة شاهدة على وحشية الاستعمار.
هذا اليوم هو ذكرى أليمة لأمهات الشهداء اللواتي فقدن فلذات أكبادهن لكنهن بعد مضي سنين سيدركون أن تلك الدماء لم تذهب هباء منثورا، وإنما كانت في سبيل أن تبقى سورية بلد التاريخ والصمود والعبور نحو المستقبل