الثورة أون لاين – ناصر منذر :
السوريون انتخبوا لوطنهم فانتصروا له بقوة صمودهم وصلابة عزيمتهم، وبعمق جذورهم الحضارية، وجسدوا بإقبالهم الكثيف على صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة الجمهورية مشهداً ديمقراطياً يعكس إرادتهم الحرة بالحياة، رغم كل ما يتعرضون له من حرب إرهابية، وما يرافقها من حصار وإرهاب اقتصادي، وضغوط سياسية، عوّلت عليها منظومة العدوان للتشويش على الانتخابات وتعطيلها، لكن حجم تلك التحديات لم تمنعهم من التمسك بحقهم الدستوري فحسب، وإنما زادتهم إصراراً وتصميماً على التشبث بخياراتهم الوطنية، والوقوف في صف واحد خلف قيادتهم السياسية لتعزيز هذا الانتصار، والبناء عليه لخوض معركة إعادة البناء والإعمار، بالعمل معاً في مختلف الميادين للنهوض ببلدهم، والارتقاء به إلى المستوى الذي يليق بصمودهم وتضحياتهم.
مشهد الطوفان البشري الذي عكسه إقبال السوريين الكثيف على صناديق الاقتراع، سيسجله التاريخ في ذاكرته ليبقى شاهداً على إرادة شعب أراد الحياة فانتصر، فالمشاركة الكثيفة التي أذهلت العالم، لم تكن صدمة وصفعة قوية لحلف منظومة العدوان وحسب، وإنما رد شعبي بليغ على ترهات دول الغرب الاستعماري، ورسالة حاسمة للمراهنين على إنهاك الدولة السورية وإضعاف مؤسساتها، ولكل المضللين والمتآمرين، بأن السوريين يمتلكون من المقومات الوطنية ما يجعلهم قادرين على صد أي عدوان غاشم، وإفشال أي مشاريع استعمارية تستهدف أرضهم ووحدتهم وسيادتهم وقرارهم الحر المستقل، وبأن خيارهم الدائم والوحيد هو الوقوف إلى جانب دولتهم وجيشهم في محاربة الإرهاب، ورفض كل الإملاءات والتدخلات الخارجية.
الانتخابات جرت بجو ديمقراطي سليم، وبكل شفافية ونزاهة، وهذا بشهادة الوفود البرلمانية، ووسائل الإعلام الأجنبية التي واكبت سيرها، ورغم أنها استحقاق دستوري تجريه معظم دول العالم، إلا أنها في سورية تأخذ طابعاً استثنائياً في هذه الظروف الدقيقة والحساسة، حيث إنجاز هذا الاستحقاق بنجاح منقطع النظير، هو استكمال للانتصارات الميدانية التي حققها الجيش العربي السوري على مرتزقة الغرب الإرهابيين، والانتصار في المعركتين العسكرية والسياسية، سيولد انتصاراً آخر في معركة إعادة الإعمار، ومواجهة العقوبات الغربية الجائرة وقهرها، وهذا يكون من خلال العمل الدؤوب بمختلف قطاعات الإنتاج الزراعية والصناعية، لتمتين دعائم اقتصادنا الوطني، الأمر الذي من شأنه تعزيز مقومات الصمود، وبالتالي كسب هذه المعركة، وإضافة انتصار آخر، وهذا لن يكون بالأمر الصعب على شعب خبر سابقاً كل أشكال الحروب والضغوط والتحديات، وانتصر.
السوريون أنجزوا استحقاقهم الدستوري، وقالوا كلمتهم الحسم في صناديق الاقتراع بأنهم هم أصحاب السيادة والقرار، فرفع أحرار العالم قبعاتهم احتراماً لعظمتهم، ولتعاضدهم وثباتهم، فهم ضحوا، وصبروا، وحصدوا ثمار صمودهم نصراً جديداً، يعبرون من خلاله نحو بر الأمان، ليساهموا معاً في بناء سورية الجديدة المتجددة.